تعز ومستنقع المذابح
 

محمد طاهر أنعم

محمد طاهر أنعم

مؤسف ومحزن ما وصلت إليه مدينتنا من فوضى وميليشيا متنازعة، ومؤامرات إقليمية.
فبعد كل الصراع السابق، والعمالة المفتوحة لدول الخليج، وتخريب النظام والدولة في تعز، وصلنا إلى شيء جديد غير مسبوق، وهو الجثث مجهولة الهوية ومقطوعة الرؤوس.
قبل رمضان تناقل الناس خبر وجود 4 جثث في مدرسة الأقصى الواقعة أسفل مسجد الشيباني بين حيي الجمهوري والمجلية، وبعضها مقطوع الرأس، وجثة خامسة في مبنى الاستخبارات القريب من تلك المنطقة، وأنها أخذت ليلاً وتم دفنها في مقبرة وادي المدام تحت حراسة أفراد من ميليشيا أبو العباس السلفية.
وكان الناس بين مصدق ومكذب للخبر، وتطورت الأمور، فصدرت أوامر رسمية بالذهاب للمقبرة ونبش تلك القبور للتأكد في الأسبوع الماضي، وهناك كانت المفاجأة المدوية، وهي أن القصة حقيقية، وأن 4 قبور كانت تحتوي تلك الجثث الخمسة، بعضها جثتين في قبر واحد،  وبدون تغسيل ولا تكفين، وجثتان من الخمسة بدون رأس!
وسبب هذا الأمر صدمة كبيرة في المدينة وفي اليمن بشكل عام، وخاصة مع تصويره، وتم نقل الجثث لمستشفى الروضة في حي الروضة شمال المدينة التي تسيطر عليها ميليشيا حزب الإصلاح، والتي يدعي أنها لمقاتلين تابعين له قتلتهم ميليشيا أبو العباس التي تعادي ميليشيا الإصلاح.
اضطر مصدر في ميليشيا أبو العباس لاحقاً أن يصدر بياناً توضيحياً أن تلك الجثث ليس لهم علاقة بها، وأن أفراداً متطرفين يقودهم شخص اسمه أنس عادل عبدالجبار، هم الذين قتلوا أولئك الأفراد كما يبدو، لأن لهم نقطة في تلك الحارة بجوار المدرسة التي وجدوا الجثث فيها، وهم أفراد متطرفون يتنقلون في ولائهم بين داعش والقاعدة كل فترة.
وذكر المصدر أن سبب الخطف في النقطة والقتل أن شخصاً من أفراد تلك الميليشيا المتطرفة اسمه حمزة الوحش، تم اختطافه من الإصلاحيين قبل فترة من داخل مستشفى الثورة، وقتله وتصفيته، بسبب قتل الأخير لشخص إصلاحي في شارع التحرير الأسفل قبلها!
وبرر المصدر التابع لأبي العباس قضية الدفن في الليل أن البلاغ وصل من مواطنين لأفراد ميليشيا أبو العباس ليلاً بوجود جثث مجهولة، فاتصلوا بمدير البحث الجنائي الذي وجههم لدفن الجثث إن كانت متحللة، وهذا ما تم ليلاً في مقبرة وادي المدام.
واعترف المصدر أن هذا خطأ من أفراد أبو العباس المتواجدين في المنطقة، وأنه كان يجب الإعلان عنهم واستدعاء الطب الشرعي أولاً، ولكنه حمل المسؤولية لمدير البحث الجنائي في المنطقة.
والمخيف والمؤلم في القصة هذا الاستهتار بالدماء في تعز.
بعد أن حرض رفقاء السلاح في تعز على أفراد الجيش اليمني، وجماعة أنصار الله، وعلى كل من تعاطف معهم ورفض منطق ما تسمى المقاومة (التي يسميها بعض أبناء تعز اليوم المقاولة، لأنها تقاول بالمال السعودي لتضييع الدولة في تعز)، بعد أن حرضوا على خصومهم، انتقلوا اليوم للتحريض على بعضهم البعض، وقتل بعضهم البعض.
مازلنا نذكر المشاهد البشعة التي كان يقوم بها المتطرفون في تعز من ذبح وسلخ وقتل، ويتفاخرون بها ضد الجيش والأمن اليمني في بداية الأحداث، وتشجيع فصائل المقاومة لها أو سكوتهم عنها، واليوم نرى كيف صارت النتيجة في مدينتنا.
أمر مؤسف ومؤلم ومخيف، أين وصلت تعز بسبب هذه الجماعات المتصارعة المتنازعة، وبسبب المؤامرة السعودية الإماراتية القذرة على مدينتنا، والله المستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات