تعز والانفلات الأمني
 

محمد طاهر أنعم

محمد طاهر أنعم / موقع ( لا ) الإخباري

كلما بشر الموالون للعدوان في تعز ببداية الازدهار للمدينة، وانتهاء الانفلات الأمني، زادت الصدامات والمشاكل.
وهذا الانفلات الأمني نتيجة حتمية لتعدد الرايات والجماعات واستعدادها جميعاً للصدام والاقتتال من أجل الحفاظ على مصالحها التي تظن أنها قدمت تضحيات جسيمة من أجل الوصول لها.
القضية عند فصائل المقاومة في تعز ليست الوطن ومصلحته، بل التنظيم والجماعة والتيار ومصلحته، ولذلك فمن المستبعد جداً أن تستقر المدينة.
في الشهرين الأخيرين نقل كثير من المتعصبين للعدوان في تعز أمانيهم ببداية إصلاح الأمور وتجاوز مرحلة الانفلات بعد الحملة الأمنية التي وجه بها المحافظ الموالي للعدوان، والتي بدأت بالنزول للمدارس والمقرات الحكومية لاستلامها من الجماعات والميليشيات المسيطرة عليها، وحصلت صدامات بينية عنيفة في وقتها، ثم انتهت، واستبشروا وهللوا، ثم لم يلبث أن دخلوا من جديد في صدامات عنيفة وتخوين متبادل وتشكيك كل فصيل في نية الفصيل الآخر، ثم تطورت الأمور لمهاجمة المقر المؤقت للمحافظ في مقر فرع شركة النفط، أكثر من مرة!
مشكلة تعز الرئيسية هي في تعدد الجماعات ونزاعها المستمر وصداماتها التي لا تنتهي، وتخوين بعضها بعضاً، وتعدد مصادر التمويل المتصادمة.
جماعة الإخوان المسلمين بجناحها السياسي حزب الإصلاح وجناحها العسكري لتنظيم الإخوان، هي أهم الفصائل في تعز، ولديها قوة كبيرة، وعدد من الميليشيات المعلنة (مثل لواء الصعاليك) وغير المعلنة، وتتحرك باستراتيجية مهمة، وهي اختراق جسم الشرعية، بالسيطرة على معظم التعيينات في الأمن والجيش والسلك المدني، والتحدث باسمهم، في ما يوصف عند كثير من المتابعين بأخونة الدولة، مثلما هو في عدد من الدول الأخرى، ومثلما كان في صنعاء في السنوات الماضية.
ولجماعة الإخوان في تعز تحالفات متعددة، وخاصة مع ميليشيات قبلية من أبناء منطقة المخلاف شمال المدينة، وكثير منهم أفراد عصابات قتل وسرقة وبلطجة على الأراضي، يستفيد منهم الإخوان في تعز في القتال وتثبيت الأمور على الواقع، وهم من الموالين للشيخ القبلي الهارب من تعز حمود سعيد المخلافي.
تمويل جماعة الإخوان في تعز هو من قطر بشكل رئيسي، ولديهم مصادر تمويل سرية من السعودية (غير حكومية)، إضافة إلى التمويل الذي يحصلون عليه بسبب اختراقهم لبنية ما تسمى الشرعية، والتي تمولها السعودية بشكل كبير ومعلن.
أكبر تنظيم خصم للإخوان هو تنظيم جماعة أبو العباس السلفية المتشددة، والتي تسيطر على جنوب المدينة، وتشمل المدينة القديمة، ووادي المدام، وأجزاء من الجحملية والمجلية، وهي جماعة مدعومة من الإمارات بشكل شبه معلن، ولديها أحقاد وثارات فلسفية وتاريخية مع جماعة الإخوان المسلمين، تغذيها دولة الإمارات.
هناك أيضاً تنظيم القاعدة (أنصار الشريعة)، وهو تنظيم موجود في تعز بشكل ملحوظ، ويتحرك بحرية في معظم الأحياء بين مواقع الإخوان والسلفيين، ولا يعترضه أحد، ولديه تواجد أساسي في حي الجمهوري وفي الجحملية.
وكذلك جماعة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)، ووجوده الأساسي في حوض الأشراف وفي سوق الصميل.
يضاف إلى كل ذلك جماعة حسم السلفية الموالية للإخوان، ومقرها الرئيسي في مدرسة الشعب، وتتحرك بحرية في عدة مواقع، وخاصة شمال المدينة، وتمويلها سعودي من جماعات متشددة في المملكة مرتبطة بالشيخ أبو الحسن المصري الذي يسكن في مأرب ولديه مركز تعليمي هناك، وهو رابط التواصل مع تلك الجماعة عن طريق قائدها عدنان رزيق أحد أتباع المصري، وقد عين هادي القائد عدنان رزيق قائداً للواء الخامس حماية رئاسية في تعز.
كل تلك الجماعات وغيرها تتصارع على النفوذ والتعيينات والمواقع في تعز، ولذلك فهي سبب واضح ومباشر للاضطرابات التي يصعب تجاوزها بسبب اختلاف التمويل والعقيدة والتوجه.

أترك تعليقاً

التعليقات