محمد طاهر أنعم

محمد طاهر أنعم / لا ميديا 

يوم الجمعة الماضي جرت محاولة اغتيال للأستاذ عمر دوكم، خطيب جامع العيسائي، في حي الأجينات وسط مدينة تعز، أدت لإصابته إصابة بليغة ومقتل أحد الأشخاص الذين كانوا بجواره وقتها.
وهذا مؤشر خطير لانتقال تلك العمليات القذرة التي شهدنا الكثير منها في عدن طوال الأشهر الماضية من استهداف لأئمة وخطباء المساجد بالقتل والتصفية، فقط لاعتبارات إقليمية تتعلق بالصراع بين الإمارات وقطر، والسلفيين والإخوان، والقاعدة ومخالفيهم من السلفيين والإصلاحيين.
جو الفوضى التي تسبب بها العدوان في المناطق المحتلة من بلادنا أدى لعدم مساءلة أو معاقبة أحد ممن تسبب بكل تلك العمليات البشعة طوال أشهر في عدن، مما أدى لتفاقمها وانتشارها وتوسعها.
جهات عدة ربما تكون قد ارتكبت مثل تلك الجرائم، في مقدمتها استخبارات دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تذهب لها معظم الشكوك لأسباب متعددة، من أبرزها أن معظم المستهدفين هم من خصومها وخصوم مشروعها، من الإصلاحيين والسلفيين القريبين منهم، والموالين لقطر في الجملة.
كما أن عدة شواهد يتناقلها الناس يمكن اعتبارها قرينة على قيام تلك الاستخبارات بهذه العمليات، منها تهريب المتهمين بقتل الشيخ السلفي عبدالرحمن بن مرعي العدني قبل سنتين في عدن، والذين تم القبض عليهم حينها من قبل المواطنين، وتسليمهم للجهات الأمنية، ثم تناقل الناس تسفيرهم للإمارات للتحقيق معهم ومعاقبتهم، واختفت أخبارهم من حينذاك وانتهت القضية.
كذلك تشير بعض أصابع الاتهام للجماعات المتطرفة من القاعدة وداعش، حيث أن العديد من المستهدفين هم من الشخصيات المعتدلة التي كانت تعارض بعض تصرفات القاعدة وداعش أحياناً وبشكل علني.
كما أن هناك شكوكاً تشير إلى التيار السلفي المتشدد في عدن، والذي من قياداته الشيخ هاني بن بريك، القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، ووزير الدولة السابق في حكومة هادي، وهو تيار يستفيد تلقائياً من مقتل أي إمام أو خطيب إصلاحي أو سلفي مخالف لهم، حيث يتم تعيين سلفي موافق لهذا التيار من مكتب أوقاف عدن الذي يهيمنون عليه، وهم لا يخفون كراهيتهم للتيارات الإصلاحية والسلفية المخالفة لهم، مثل تياري جماعة الحكمة وجماعة ائتلاف الإحسان وحزب الرشاد.
وما حصل في تعز يوم الجمعة الماضي ليس أول عملية محاولة اغتيال، ولكنها الأولى تقريبا لخطيب وإمام مسجد غير مسلح.
حيث شهدت تعز خلال السنة الأخيرة العديد من عمليات الاغتيال التي طالت عسكريين وضباطا وسياسيين وإعلاميين، بل وتزايدت في الفترة الأخيرة، وصارت تستخدم العبوات الناسفة في السيارات بشكل يتزايد فترة بعد فترة.
ولكن وصول الاغتيالات إلى أئمة المساجد ينذر بانفلات جديد، ودخول تعز مرحلة دامية حزينة أخرى، هي نتاج طبيعي وسيئ لحالة الاحتلال التي تعيشها المدينة.
الأستاذ عمر دوكم رجل إصلاحي معتدل، نرجح أن محاولة اغتياله كانت بتدبير من الجماعات المتطرفة في تعز، بسبب هجومهم المتكرر عليه بأنه داعية متساهل صاحب أفكار عقلانية منحرفة تدعو لحقوق المرأة والحريات العامة ويدعو للقبول بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
ولكننا لا نستبعد احتمال تورط جماعة أبو العباس السلفية في محاولة اغتياله بسبب احتكاكات سابقة متعددة في هذا المسجد بالذات والتنازع عليه بينهم وبين الإصلاحيين الذين ينتمي إليهم الأستاذ عمر دوكم، وتلك الجماعة موالية للإمارات واستخباراتها التي قد تكون رتبت وحرضت على تلك العملية.


أترك تعليقاً

التعليقات