عاصفة التطهير..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم يحيى / لا ميديا -
لا يمكنك أن تكرهني ثم تنتظر مني الحب، ولا يمكنك أن تهملني ثم تنتظر مني الاهتمام.
لا يمكنك أيضاً أن تدير ظهرك لي ثم تنتظر مني الولاء والوفاء.
هذا هو المنطق السليم والطبيعي، وهذه من البديهيات التي يتفق عليها الجميع.
وبناءً على ذلك دعوني أقل لكم:
الوطنية لا تأتي بالمجان، والولاء لا يكون دون مقابل.
كيف نطلب «الوطنية» من مواطن لا يجد لقمة يُشبع بها أطفاله؟
كيف نطلب «الوطنية» من مواطن لا يجد سقفاً ينام تحته؟
كيف نطلب “الوطنية” من مواطن يعجز عن تعليم أطفاله في مدرسة حكومية؟
كيف نطلب “الوطنية” من مواطن لا يجد مستشفى يداويه في مرضه؟
هذا الخطاب لحكومتنا -على وجه الخصوص- والحكومات عامة.
يجب أن يشعر المواطن أن هناك حكومة ومسؤولين يهتمون لأمره، ويبذلون جهودهم من أجل بناء دولة حقيقية يعيش فيها حياة كريمة.
هكذا سيصبح وطنياً وعاشقاً لبلده وحكومته أيضاً.
أما حين يرى نفسه جائعاً عاجزاً في وطنه بينما المسؤولون ينعمون برغد العيش فكيف ننتظر منه الوطنية والانتماء؟
مواطن لا يستطيع تأمين وجبة طعام لأطفاله، ولا يستطيع أن يسجل ابنه في مدرسة حكومية بسبب الرسوم التي تطلبها الحكومة.
وفي الوقت نفسه يرى المسؤولين يأكلون في أغلى المطاعم، وأبناؤهم يدرسون في أغلى المدارس الخاصة.
بالله عليكم هذا الشخص كيف سيصبح وطنياً؟
طبعاً لكي لا يتم تحريف الكلام أو فهمه بطريقة خاطئة، فأنا لا أقصد أنه سيصبح عميلاً أو مرتزقاً إذا لم يكن وطنياً.
المقصود أنه لن يتمسك بتراب وطنه، وسيبحث عن أي طريقة للهجرة والخروج من البلاد، ولن يكترث للقضايا الهامة التي تمس وطنه.
البعض يذهبون للغربة وهم يبكون دماً، لا يريدون ترك وطنهم وأهلهم، ولكنهم أصبحوا عاجزين عن توفير أبسط متطلبات حياتهم هنا، ولا يشعرون بأن هناك حكومة تهتم لأمرهم.
المضحك أننا نعيش هذا الوضع، ثم نعاتب ونلوم من يهاجر ويبحث عن مصدر رزق في الخارج..!
صحيح نحن في ظل عدوان وحصار، والمهمة صعبة على عاتق الحكومة المتصدية لهذا العدوان.
لكن الفشل أصبح كبيراً والفساد متفشياً، وليس من الصحيح أن نبرر ما يحصل بشماعة العدوان.
الشهيد الصماد (سلام الله عليه) كان قوته لا يختلف عن قوت الشعب، وكانت حياته بسيطة كحياة أي مواطن مغلوب على أمره.
ناهيكم عن اهتمامه الكبير بالناس وقضاياهم، ورؤيته الصادقة لبناء دولة حقيقية.
وكان كل الناس من مختلف الأطياف والمكونات يجمعون على حبه وصدقه وإخلاصه.
نحن لا نطلب الكثير، ولكننا نطلب أن تهتموا لأمرنا، وتنظروا إلى همومنا ومشاكلنا.
بدلاً من إضاعة الوقت في الأشياء التافهة كالفيسبوك واليوتيوب انظروا إلى القضايا الحساسة.
ابحثوا عن حل لمشكلة فشل التعليم الحكومي، وضعوا حداً لأصحاب المدارس الخاصة الذين يبتزون الناس.
أصلحوا الشوارع والطرقات الرئيسية التي أصبحت مليئة بالحفر.
حاربوا الفساد في المصالح والمؤسسات الحكومية.
هذه القضايا التي تؤثر على حياة المواطن، وليس حظر الفيسبوك واليوتيوب ومنع الاختلاط..!
أخيراً كلنا متفائلون بعد كلمة سيد الثورة (يحفظه الله)، والتي ختمها بصاعقة على الفاسدين والفاشلين، مؤكداً أن العمل جارٍ لإجراء تغييرات جذرية في الجانب الرسمي.
هذه رسالة للمسؤولين الكبار قبل الصغار: أنتم تعلمون أنه رجل قول وفعل وليس رجل مواعظ، لذلك من يرى نفسه فاشلاً أو فاسداً ولا يستطيع تحمل المسؤولية فليترك منصبه بإرادته، قبل أن تجتثه عاصفة التطهير من جذوره.

أترك تعليقاً

التعليقات