هو حي مثلك يا بحر!
 

عفاف محمد

عفاف محمد / لا ميديا -
هل تموت البحار؟!
هكذا تساءل حفيد الصياد عندما كان جده يتوجس ريح شؤم تهب، وهما أمام البحر الممتد شديد الزرقة والشمس الدافئة تظلله.
حينها كان المخططون يمعنون في ترتيب خطتهم لاستهداف الرئيس الصمّاد!
الصمّاد... أليس شبيهاً بالبحر، في اتساع جوفه، وفي صفائه وعمقه؟!
نعم كان تساؤل الطفل لجده الصياد في محله، وكانت الإجابة أكثر دقة: "البحار لا تموت"!
والصمّاد يا شعب الصمود الأسطوري لم يمت، نعم، لم يمت!
عاش مجاهداً صنديداً، وعاش قائداً على صدق الولاء، عاش بيننا مواطناً عادياً يلامس همومنا ويتحدث عنها بشفافية.
مازالت روحه هنا تنثر عبيرها. مازالت النفوس مغمورة بحبه، وستبقى.
كان الصمّاد رئيساً استثنائياً ولا مبالغة إن قلت إنه اختلف عمّن قبله ومن بعده. أحبه الكثيرون لسماته النادرة. لم يرَ فيه شعبه أنه رئيس عدو للسلام. لم يرَ فيه ذاك التكبر والخيلاء الذي تمكن ممن هم دونه في منصبه.
بات اسم الرئيس الشهيد الصمّاد مرعباً، ويهوي على مطارات العدو ويحدث فيها الرعب. فالصمّاد أرعبهم في وجوده وبعد استشهاده. استقصدوه بالشر ولكنهم زادوه رفعة ومقاماً في قلوبنا وعند مليك مقتدر.
البحر العميق مملوء بالدرر الثمينة. وكان كذلك الشهيد الصماد بخلقه الرفيع، وسجاياه الحسنة. كان كنزاً ثميناً برقي تعامله، بروحه النقية التقية ونفسه الزكية العفيفة.
كيف به وهو من فصيلة البشر أن تزكو نفسه ولا تطمع بالدنيا بعد أن اعتلى كرسي السلطة الذي عادةً ما يجلب المال الوفير لأصحابه، ولم تهفُ نفسه لبناء فللاً، أو اقتناء سيارة فارهة، أو اكتناز المال؟!
مهما سالت أحرفي لن أوفيه حقه. كلنا في ذكرى استشهاده اجتهد في ذكر مناقبه دون أن ينصفه أحد، فكلنا عرفه بتلك المواقف النبيلة التي لا تحكى، وبتلك الابتسامة الملائكية التي تغلغلت في دواخلنا، وتلك الخطابات المقْنعة الخالية من الزيف والنفاق والتملق.
تمر ذكراه كالغيم، وهو ذاك الشبيه بالبحر الذي يلقي حبّاته كما يتلقى الزهر حبّات الندى فيحتفي بها، البحر الذي يصافح الشمسَ وتمنحه انعكاس الإشراق.
شهيدنا كالبحر الهائج الذي لا يهدأ إلا أن يقارع الظلم وينصف المظلومين. هو كالبحر الذي في بطنه عالم يضج بالحياة.
كيف يموت البحر؟! وكيف يموت رئيسنا الشهيد؟!
هو حي يرزق، حي بمواقفه، بعلمه، بوعيه، بجهاده... حي بصدقه، بزهده، بطهارته، بشهامته... حي بحبه لوطنه وشعبه.
هو حي مثلك أيها البحر!

أترك تعليقاً

التعليقات