ثقافة أحيت أمة
 

عفاف محمد

عفاف محمد / لا ميديا -

من سخرية القدر أن عرف الناس للتو أن ذاك الشعار المنبوذ والمحارب في وقت مضى هو ذاته منح العز والفخر والكرامة للإمة الإسلامية.. 
ومهما تباينت الآراء في صوابية هذا الشعار من عدمها؛ نجد أنه نوع من الصراحة والوضوح وشجاعة الموقف. فحين تصرخ في وجه عدو يتلبس بثوب صديق، فأنت حينها تنبهه بأنك قد عرفت كنهه كي لا يسترسل في أكاذيبه، ويتمادى في خداعه، وكي تعرقله عن الوصول لأهدافه؛ والتي تتلخص في إذلالك وهزيمتك وسلبك حقوقك، وأن تكون إمّعة ومنقاداً وخانعاً وذليلاً أمام مشروع تآمري، وأمام طواغيت يسخرون منك ويعبئونك بمفاهيم خارجة عن دينك، وعن بيئتك، وعن عاداتك وتقاليدك المعروفة، بأساليب ملتوية تهدف لتطويعك وتركيعك لما يخدم مخططهم، ويساعد على التفسخ المجتمعي وفقدان الهوية وإنهاك الروح القومية، وبالتالي يسهل إضعافك.
وهذا بالفعل العدو الذي حذرنا الله جلّ عُلاه منه؛ ففساد اليهود والنصارى يغزونا فكرياً، ويعمل جاهداً لخلخلة صفوف المسلمين وإضعاف إيمانهم والتغلغل في أوساطهم بأية طريقة كانت. 
فالصرخة هي ردة فعل طبيعية تجاه ما يقوم به أعداء الدين والأمة الإسلامية من انتهاكات وتعسفات بمساندة ضعفاء النفوس من حكام العرب وأذنابهم الذين تهمهم مصالحهم بالدرجة الأولى وإرضاء أعداء الأمة. 
أوليس الأعداء الذين حذرنا منهم جلّ عُلاه هم اليهود والنصارى المتمثلين اليوم بأمريكا والصهيونية؟! أوليس حرياً بنا أن نجابههم ونتحداهم كي نحمي مقدساتنا؟! 
الصرخة لم تكن عبثاً أو كما قال البعض إنها مماحكة تثير أمريكا، ونحن في غنى عنها كي نعيش بسلام..! 
فالسكوت عن الظلم يعد انكساراً ومذلة. 
وعندما شرع الشهيد القائد بهذا الشعار، كان مدركاً أهميته، لأن الأمة الإسلامية غرقت في وحل العمالة، وأحنت الرقاب أمام الجبابرة والطواغيت الذين يكرهون الخير للإسلام ويسعون لتنكيس رايته.
لقد انطلق الشعار من منطلق إيماني واعٍ لحجم المسؤولية تجاه الدين وتجاه الانتماء للعروبة، فانبثق من جوف المعاناة كصرخة مدوية وكسلاح موجه صوب العدو. 
واليوم ندرك أكثر من السابق كم يترجم هذا الشعار قوة وشموخ وهيبة الكيان الإسلامي، ويعكس الفطرة السليمة التي ترفض الانحناء والاستكانة والخنوع أمام ما يمس الكرامة والقوانين السماوية. 
فمن لا يؤمن بالشعار اليوم معتقداً أنه نوع من التبلي أو نوع من الإضرار بعملية السلام، فهو واهم ومخدوع، بل ذليل وجبان، لأنه يصم آذانه عن الحق، ويسكت عن التمادي في حدوده وحقوقه. 
فمن لم يقتنع بعد اليوم بهذا الشعار فوعيه قاصر، ويتغافل عن مجريات الأحداث وعن الأقنعة التي تساقطت والحقائق التي انكشفت عمن يوالون أعداء الدين والأمة، ويستغفلون شعوبهم وينهبون خيراتهم ويذللونها لمن يوالونهم. 
فالإيمان بالشعار لا يعد نوعاً من العنصرية أو الطائفية، أو حتى نوعاً من استظهار القوة دون الإيمان بالمبدأ، بل هو ردة فعل عنيفة تجاه الظلم المتكرر. وعلينا أن نكون أكثر وعياً وإدراكاً، ونعمل على توعية الآخرين بأهمية هذا الشعار، وخصوصاً في الوقت الراهن.
اليوم بات الشعار ثقافة راقية تتحدى الصعاب وتواجهها، وكلمة حق تقال في وجه الجائرين. ثقافة أرادت لنا العيش بكرامة وعزة وشموخ. ثقافة مجتمعية تجعل لنا كياناً قوياً، ومصداقيته اتضحت اليوم بعد أن كشر العدو عن أنيابه وأظهر مخالبه وغرسها في الجسد العربي.

أترك تعليقاً

التعليقات