غالب قنديل

غالب قنديل - كاتب لبناني -

ربما هي المواجهة الأصعب في العالم ضد مخاطر تفشي فيروس كورونا تلك التي تخوضها القيادة الوطنية اليمنية في المناطق المحررة التي تجابه ويلات العدوان الوحشي والحصار القاسي.
أولاً: كما هي حال العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وسورية، يواجه اليمنيون صعوبات كبيرة في التواصل مع العالم للحصول على الأدوية والمواد الغذائية، ويشتد تأثير الحصار الاقتصادي على قدرات الحكومة اليمنية الوطنية بعد ما ألحقه من أذى في جميع المجالات الحيوية للاقتصاد الوطني بفعل التدمير المنهجي ومراكمة الأضرار والخسائر خلال سنوات العدوان وما ألحق من خراب مدبر بالنظام المصرفي والمالي للبلاد على يد حلف العدوان وأدواته المحلية.
ثانياً: صمد الجسم الطبي اليمني في وجه العدوان الأمريكي السعودي، وابتكر الكثير من أدوات الحماية والعلاج لمجابهة العدوان والحد من نتائجه، وقد شهدت مستشفيات اليمن لهذا الجيش المقاوم من الأطباء والممرضين بشجاعة نادرة عملوا فيها تحت القصف الجوي وتحدوا القتل الذي استهدفهم جماعيا وفرديا، وبرهنوا عن حس وطني رفيع والتزام بالدفاع عن شعبهم وبلدهم، وهو ما مكنهم من الصمود في وجه المذابح الجماعية التي نفذها حلف العدوان من الجو، وقد استمد الجسم الطبي معنوياته العالية مثل سائر اليمنيين من وقائع الصمود والبطولات التي سطرها المقاومون الشجعان في الجيش واللجان الشعبية، وبما حصدوه من انتصارات تشهد بها وقائع كثيرة.
ثالثاً: لا يعول اليمنيون على المساعدات الخارجية لمنظمات الإغاثة العالمية بعد فضائح المساعدات الفاسدة التي أرسلت إليهم غير مرة دون كلمة اعتذار أو بادرة حساب من الجهات المانحة لمن كانوا المسؤولين عن إفسادها أو توضيبها أصلا وبمعرفة مسبقة لاستحالة الاستفادة منها، وهم كما يفعلون في مقاومة الحصار يعتمدون على إمكاناتهم الذاتية وعلى عقول الشباب الخبير والمبدع من النساء والرجال الذين يديرون القطاع الصحي بجميع مرافقه في أصعب الظروف، ويفيدون من خبرة تاريخية لشعبهم في تطويع الطبيعة على امتداد مساحات شاسعة من البر والبحر لتوفير عوامل الصمود الغذائي والقدرة على الاستمرار، فاليمنيون صيادون بالفطرة ومزارعون بالسليقة.
رابعاً: يمثل كسر الحصار عن اليمن وسورية وإيران ضرورة إنسانية عليا، والتحدي بمنع انتشار كورونا في اليمن وسورية المحاصرتين مايزال في البداية، وتلك هي من حسنات الحصار المزمن التي لا يمكن التعويل عليها طويلا مع تحول الفيروس إلى وباء عالمي وتوسعه على وجه الكرة الأرضية، وهنا ينبغي توجيه النداء العاجل إلى الدول التحررية في العالم، وخصوصا الصين وروسيا وكوبا، لإرسال مساعدات طبية عاجلة إلى اليمن وسورية للمساهمة في إقامة السدود الحامية بخبرة التجارب التي خاضها هؤلاء الأصدقاء من مناهضي الهيمنة الأمريكية، وهم معنيون بتدعيم الصمود اليمني، ومساعدة اليمن هي اليوم ضرورة إنسانية تسمو على اي حساب سياسي في الموقف من الحرب العدوانية ومنطق المصالح التجارية والسياسية، وسيكون التضامن مع اليمن رسالة معبرة للمنطقة كلها شعوبا وحكومات كما كانت إغاثة إيطاليا رسالة صداقة وشراكة للقارة الأوروبية.
خامساً: يسعى اليمنيون لتحصين بلدهم بقدراتهم الوطنية المتاحة، ولكن واجب الأصدقاء والحلفاء من دعاة التحرر في المنطقة والعالم هو ضرورة لا غنى عنها من توفير إرساليات الأدوية ومعدات الفحص ونقل الخبرات العلاجية والوقائية وتقديم المساعدات المالية التي تدعم حكومة صنعاء في حماية شعب عظيم ناله من الظلم الكثير.
آن الأوان لهبة صينية روسية كوبية نحو اليمن نرجو أن تكون قريبة وعاجلة، فهناك يدور اختبار مؤلم منذ سنوات مع أخطر مظاهر توحش الغرب الاستعماري وأدواته في المنطقة، فقد سبقت الكورونا أوبئة كثيرة وأخطار قاتلة نشرتها القنابل الأمريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية التي ألقاها الطيران الحربي فوق المجمعات السكنية والمدارس والمستشفيات والأحياء والقرى، وأنتجها الحصار الخطير بعدما حول حلف العدوان وقيادته الأمريكية أجساد اليمنيين وموارد عيشهم إلى حقل تجارب في سبيل مواصلة ترامب إدمانه حلب المال السعودي.
* كاتب لبناني.

أترك تعليقاً

التعليقات