وحدة المعركة وجبهة فلسطين
 

غالب قنديل

غالب قنديل / #لا_ميديا -

طالما تحجب المواقف السياسية الفلسطينية توقيعا ينتحل اسم القلب العربي والشرقي المستهدف "فلسطين"، فمشروع ترامب ونتنياهو المعلن في مأزق، وفي حال انطلق مسار معركة اقتلاع الاحتلال الأمريكي من المنطقة كما وعد محور المقاومة العربي الإيراني، وفي حال تصاعدت المقاومة والانتفاضة في فلسطين واستكملت مسيرة تحرير سورية والعراق واليمن، فلن يمر مخطط الاستعمار والحركة الصهيونية بكل ما فيه جملة وتفصيلا.
آمن قادة كبار من الشرق بفكرة أن التحرر الفعلي من الهيمنة الاستعمارية والنهب اللصوصي لجميع بلدان المنطقة رهن بالقضاء على القاعدة الاستعمارية الصهيونية في فلسطين وبتحرير فلسطين بعدما كان اغتصابها واقتلاع شعبها لزرع الكيان الصهيوني حلقة مركزية في مشاريع تقسيم المنطقة واستعمارها ولمنع الوحدة العربية واتحاد شعوب الشرق.
هذا ما آمن به جمال عبدالناصر رائد العروبة والتحرر، وهو ما أدركه القائد المقاوم حافظ الأسد، وما كرسه القائد التحرري الإمام الراحل آية الله الخميني بمقولة الغدة السرطانية التي تحولت عقيدة استراتيجية إيرانية بعد انتصار الثورة وقيام الجمهورية، وهو بذاته ما حفز قادة التحرر والمقاومة في تاريخ المنطقة إلى كسر حدود الكيانات في خرائط الاستعمار فقاتلوا معا من أجل تحرير فلسطين وتحرر بلدانهم من عز الدين القسام إلى قاسم سليماني، وما بينهما عظام وكبار وقادة شهداء في سلسلة شهداء المقاومة اللبنانية والفلسطينية والجيش العربي السوري والحشد الشعبي والجيش العراقي والحرس الثوري الإيراني وحركة أنصار الله اليمنية.
ذلك وعد القائد الشهيد عماد مغنية، وقسم القادة الشهداء ظافر الخطيب وعلي شعيب وإبراهيم حطيط وسواهم الكثير من القادة والأبطال الذين أدركوا أن تحرر البلدان العربية وتقدمها يرتبط بوحدة الكفاح التحرري وبوحدة البرنامج والإطار، وهو كل واحد في معمودية واحدة لجميع أحرار الشرق.
تلك الصفقة التي أعلنها ترامب ونتنياهو هي عباءة لحلب أموال الحكومات التابعة العميلة اللاهثة لتأكيد ولائها للسيد الأمريكي ولنقل ارتباطها بالكيان الغاصب إلى العلن، وهي سخرت قدراتها للحروب الأمريكية الصهيونية التي استهدفت في أشرس غزوة بلدان المنطقة منذ احتلال العراق فطالت سورية ولبنان واليمن وإيران والعراق وقطاع غزة.
إنه مشروع استعماري قديم يتجدد لتثبيت هيمنة الكيان الصهيوني تحت رعاية المستعمر الأمريكي بمعونة أذنابه في الغرب وفي المنطقة العربية، والغاية حماية الكيان الغاصب الواجف أمام معادلات الردع التي كرسها محور المقاومة والخائف من لحظة انطلاق عملية اقتلاع القوات الأمريكية الغازية التي استجلبت لتعويض الهزائم الصهيونية منذ اندحار الغزاة الصهاينة من جنوب لبنان من خلال الاحتلال الجاثم في سورية والعراق وعبر حروب الوكالة التي استقدم لشنها ضد البلاد العربية وإيران عشرات ألوف الإرهابيين وشذاذ الآفاق متعددي الجنسيات من شتى أنحاء العالم.
بدأت مهزلة التكيف مع خطط الهيمنة منذ سلخ قضية فلسطين من إطارها القومي لجعلها قضية الفلسطينيين لوحدهم، فسموها قضية فلسطينية، بينما هي عبر التاريخ المعاصر قضية العرب وسائر شعوب الشرق، لأنها وليدة الاستعمار الغربي اللصوصي والهيمنة على بلدان حوض المتوسط وغرب آسيا.
إن تحويل محور المقاومة إلى اتحاد شرقي متكامل من أجل التصدي للهيمنة الاستعمارية الصهيونية واقتلاع الوجود الصهيوني الاستيطاني من فلسطين، هو طريق التحرر الفعلي للمنطقة، وهو التجسيد الحقيقي للأخوة العربية الإيرانية التي عمدتها دماء الشهداء، ولن يصمد الغاصبون أمام إرادة المقاومة التي يجسدها محور متماسك يراكم المزيد من القوة والوحدة، ومادامت في فلسطين المحتلة أمهات يلدن مزيدا من الأبطال والمقاومين.
(*) كاتب لبناني.

أترك تعليقاً

التعليقات