صمود أذهل العالم
 

محمد عبده سفيان

عامان مضيا وما يزال العدوان البربري الهمجي مستمراً، والحصار الجوي والبري والبحري متواصلاً على وطننا وشعبنا اليمني، من قبل تحالف الشر العربي بقيادة حكام مملكة بني سعود وإمارات الخليج ومن خلفهم أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.
عامان من الجرائم الوحشية والمجازر البشعة التي ترتكبها في حق المدنيين الأبرياء، الطائرات والبوارج والسفن الحربية التابعة لدول تحالف العدوان، والتي تستخدم الأسلحة الأمريكية والبريطانية والصهيونية الحديثة، بما فيها القنابل العنقودية والسفورية والفراغية والهيدروجينية والنيتروجينية والانشطارية المحرمة دولياً، دون أن تحرك هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان ساكناً.
عامان على إشعال نار الفتنة المذهبية والطائفية والمناطقية التي تمت تغذيتها بين أبناء اليمن من قبل الأيادي الخفية التي تغلغلت في صفوف المجتمع اليمني والأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وفق منهجية معدة بإتقان من قبل الصهيونية العالمية، وبتمويل من قبل مملكة الوهابية السعودية، والتي طفت إلى السطح بشكل علني مطلع العام 2011م الذي شهد اندلاع مؤامرة الفوضى التدميرية في بلادنا ومصر وتونس وليبيا وسوريا، والتي تمهد الطريق لإقامة الشرق (الصهيوني) الجديد.
عامان وأرواح اليمنيين تزهق، ودماؤهم الزكية تسفك، ومنازلهم وممتلكاتهم ومقدرات وطنهم تدمر بذريعة واهية (إعادة الشرعية) لمن لاشرعية له وفقاً للشرع والدستور والقانون، وتارة بذريعة وقف التمدد الإيراني، وأخرى بذريعة محاربة الشيعة الروافض وحماية السنة، وتارة بذريعة حماية الحرمين الشريفين من خطر (محتمل) قادم من اليمن.. وكلها ذرائع واهية لتبرير العدوان وأهدافه الحقيقية المتمثلة بتدمير القدرات العسكرية والأمنية والاقتصادية للشعب اليمني، وإجباره على الخضوع والخنوع لكي يظل اليمنيون تابعين لحكام مملكة بني سعود، لا يمتلكون قرارهم السياسي بإرادتهم الحرة، ولا يمتلكون جيشاً قوياً قادراً على حماية سيادة واستقلال الوطن، ولا يستطيعون أن يستثمروا ما يوجد في وطنهم من ثروات واستخدامها في تحقيق نهضة تنموية شاملة.. والهدف الثاني هو تدمير الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي بين أبناء الشعب اليمني من خلال تعميق الخلافات والصراعات السياسية وتغذية نار الفتنة الطائفية والمذهبية والمناطقية، وصولاً إلى تحقيق فصل شمال وغرب الوطن عن جنوبه وشرقه، ليس ذلك وحسب، بل فصل اليمن إلى 6 دويلات تحت مسمى (الأقاليم)، لتظل هذه الدويلات متصارعة ومتناحرة في ما بينها لا تقوم لها قائمة.
لقد راهن حكام مملكة بني سعود ومن تحالف معهم من أنظمة الشر العربي والعالمي، أنهم قادرون على كسر إرادة الشعب اليمني وإجباره على الاستسلام ورفع الراية البيضاء خلال شهر واحد أو شهرين على أكثر تقدير، معتمدين على العدد الكبير من الطائرات والبوارج والسفن والزوارق الحربية وترسانة الأسلحة الهائلة الحديثة والمتطورة والقوات البشرية التي حشدوها والأموال الضخمة التي رصدوها والهالة الإعلامية التي سخروها في عدوانهم البربري الغاشم وحصارهم الجائر ولجوئهم لسياسة الأرض المحروقة وحرب إبادة شاملة من خلال ارتكاب المجازر المروعة والجرائم البشعة في حق المدنيين وتدمير البنى التحتية والخدمية، والتي تعد جرائم ضد الإنسانية، ولكن رهاناتهم تبخرت في الهواء، وأحلامهم تحطمت في جيزان وعسير ونجران، وفي جبال كرش وكهبوب في لحج، والعمري وجبل النار في تعز، وفي الضالع والبيضاء ومأرب وشبوة والجوف ونهم، ودفنت في رمال الساحل الغربي لمحافظتي تعز ولحج، وفي ميدي بمحافظة حجة.
وها هم بعد عامين يندبون حظهم العاثر ومغامرتهم الفاشلة، ويبحثون عن مخارج لإنقاذهم من الغرق أكثر وأكثر في يمن الإيمان والحكمة ومهد العرب الأول، حيث أبدى أحفاد التبع اليماني وأسعد الكامل صموداً أذهل العالم، وأثبتوا بالفعل أنهم (أولو قوة وألو بأسٍ شديد)، رغم الفارق الكبير والهائل في العدد والعتاد والإمكانات المالية والإعلامية الهائلة، ورغم الحصار الاقتصادي الذي فرض عليهم، والذي وصل حد عدم القدرة على صرف المرتبات للجيش والأمن وموظفي الجهاز الإداري للدولة والمتقاعدين، منذ شهر أكتوبر الماضي، وسيظلون صامدين صمود جبال نقم وعيبان وصبر وشمسان وشعيب وردفان، يرفضون ركعة الهون وضعف الانحناء، فقد أقسموا بألا ترى أرض اليمن على ظهرها غازياً أو وصياً.

أترك تعليقاً

التعليقات