عام من الصمود في وجه العدوان والحصار
 

محمد عبده سفيان

عام مضى على بدء العدوان البربري الغاشم على وطننا وشعبنا اليمني من قبل نظام مملكة بني سعود وحلفائهم من أنظمة الشر العربي، وبدعم مباشر من أمريكا وبريطانيا والعدو الصهيوني، وما يزال مستمراً بكل وحشية وخسة وحقارة، مرتكباً أبشع الجرائم التي تصنف بأنها جرائم حرب ضد الإنسانية، حيث استهدف وما يزال يستهدف أبناء الشعب اليمني كافة، عسكريين ومدنيين، رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً، سواء من خلال الصواريخ والقنابل الفراغية والفسفورية والعنقودية المحرمة دولياً التي تلقيها الطائرات الحربية على التجمعات السكانية في المدن والقرى على حد سواء، أو من خلال الحصار الجوي والبري والبحري.
عام من العدوان الهمجي المتوحش الذي يستهدف اليمن أرضاً وإنساناً.. عدوان يستهدف العنصر البشري الذي يمثل قوة بشرية هائلة في جنوب شبه الجزيرة العربية، ويستهدف كل البنى التحتية من طرقات وجسور ومؤسسات خدمية ومنشآت تعليمية ورياضية ومطارات وموانئ، ويستهدف تدمير القدرات العسكرية والأمنية سلاحاً وبشراً ومنشآت وأكاديميات ومعاهد ومدارس عسكرية وأمنية، فلم تستثنِ من قصف الطيران حتى مباني أقسام الشرطة والجوازات والأحوال الشخصية والمباحث الجنائية والنقاط الأمنية في مداخل المدن، ليس ذلك وحسب، بل تم قصف المساجد والحدائق العامة والمواقع والقلاع والمدن الأثرية والتاريخية والأسواق الشعبية ومخيمات الأعراس.
الآلاف قتلوا وأصيبوا، معظمهم من النساء والأطفال، بقصف الطائرات والبوارج والسفن الحربية التابعة لتحالف العدوان الذي تقوده مملكة بني سعود، وجراء الحرب العبثية المجنونة الداخلية التي أشعلها حكام مملكة بني سعود وإمارات الخليج بين أبناء الشعب اليمني، وقدموا كل أنواع الدعم المالي والعسكري الهائل للمليشيات المسلحة التابعة للخائنين الفارين (عبدربه منصور هادي وعلي محسن الأحمر)، سواء القادة والضباط والأفراد المنشقين عن الجيش والأمن، أو مليشيات ما يسمى (الحراك الجنوبي) وحزب الإصلاح وشركائه من الاشتراكيين والناصريين والجماعات السلفية المتطرفة والتنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها (تنظيم القاعدة ـ داعش ـ أنصار الشريعة ـ أنصار السنة ـ جيش عدن أبين الإسلامي ـ كتائب الموت ـ كتائب الحسم ـ كتائب حماة العقيدة ـ لواء الصعاليك). ولم يتوقف الدعم لهذه المليشيات على المال والعتاد العسكري الحديث والمتطور والإسناد الجوي والبحري بطائرات (F16) ومروحيات الأباتشي والبوارج والسفن والزوارق الحربية، بل تم تعزيزها بقوات عسكرية بشرية وبأعداد كبيرة من الدول المشاركة في العدوان، وخبراء عسكريين ومقاتلين ومرتزقة محترفين من مختلف دول العالم، عبر شركة (بلاك ووتر) الأمريكية، الذين انسحبوا الشهر الماضي بعد أن تكبدوا خسائر فادحة في الأرواح (حوالي ألف قتيل) في تعز ولحج، بينهم قائد قوات المرتزقة (نيكولاس بطرس) الأمريكي الجنسية، وقام حكام السعودية وإمارات الخليج باستبدالهم بمرتزقة جدد عبر شركة (داين كورب) الأمريكية، والذين وصلت الدفعة الأولى منهم إلى ميناء رأس عمران جنوب غرب مدينة عدن، بتاريخ 16 مارس الجاري.
وظف حكام مملكة بني سعود وإمارات الخليج كل طاقاتهم وإمكاناتهم البشرية (المتواضعة) والمالية الكبيرة وكل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة والآليات والعربات والدبابات والمدرعات والمدفعية وراجمات الصواريخ والطائرات والبوارج والسفن والزوارق الحربية الحديثة والمتطورة، ووظفوا الأموال الهائلة لشراء المواقف السياسية للأنظمة والحكومات العربية والإسلامية والأوروبية، ولشراء مواقف المنظمات الحقوقية والإنسانية، بل ومنظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، ومع ذلك لم يستطيعوا أن يحققوا الهدف الذي من أجله شنوا العدوان على اليمن أرضاً وإنساناً.
كانوا يعتقدون أن الجيش واللجان الشعبية وأبناء الشعب اليمني لن يستطيعوا الصمود في وجه العدوان الغاشم والحصار الجائر أكثر من شهر واحد فقط، ويسضطرون لرفع الراية البيضاء وإعلان الاستسلام، وسترتفع أعلام بلدانهم فوق القصر الجمهوري ودار الرئاسة ومجمع الدفاع وباب اليمن وجبال نقم وعيبان وعطان في العاصمة صنعاء بعد احتلالها من قبل القوات الغازية والمرتزقة الأجانب والمحليين، ولكنهم وجدوا أنفسهم يغرقون في حرب ضروس لم يتوقعوها أبداً، فها هو عام بالتمام والكمال يمر وما يزال أبطال الجيش واللجان الشعبية ومن خلفهم كل الشرفاء من أبناء الشعب اليمني، صامدين صمود جبال اليمن الشماء، فلم تستطع قواتهم البشرية التي جمعوها من مختلف دول التحالف والمرتزقة الأجانب والمليشيات التابعة لمرتزقتهم المحليين تحقيق الانتصارات التي توهموا تحقيقها في أقل من شهر واحد، رغم الترسانة العسكرية الحديثة والمتطورة التي دفعوا بها إلى اليمن، والأموال الطائلة التي أنفقوها لشراء كميات كبيرة من الأسلحة ولشراء الذمم والمواقف المناهضة للعدوان، ورغم الحصار الجوي والبري والبحري والغارات الجوية المتواصلة لطائراتهم الحربية، بل إنهم عجزوا عن حماية المناطق الخاضعة لسيطرة حكام مملكة بني سعود في نجران وجيزان وعسير، حيث استطاع أبطال قواتنا المسلحة واللجان الشعبية اختراق تحصيناتهم ومواقعهم العسكرية المنيعة والسيطرة على مدن وقرى ومناطق بكاملها، وبأعداد بشرية محدودة، وسلاح محمول فوق الأكتاف.
بعد عام من العدوان والحصار لا شك أن حكام دول تحالف العدوان، وفي مقدمتهم السعودية، بحاجة إلى مراجعة حساباتهم واتخاذ قرار وقف عدوانهم الظالم والجائر، لأن الاستمرار في العدوان يعني المزيد من الاستنزاف للإمكانات المالية والعسكرية لمملكة بني سعود وإمارات الخليج النفطية، دون تحقيق الأهداف الشيطانية التي رسموها لاحتلال اليمن وإجبار شعبه على الاستسلام والركوع والخنوع، متناسين أننا (أولو قوة وأولو بأسٍ شديد)، ولن نركع إلا لله سبحانه وتعالى، وأننا شعب لن نستسلم أبداً ننتصر أو نموت، وأن اليمن مقبرة الغزاة عبر التاريخ.

أترك تعليقاً

التعليقات