عند ربهم يرزقون
- فضل النهاري الجمعة , 17 يـنـاير , 2020 الساعة 7:30:03 PM
- 0 تعليقات
فضل النهاري / #لا_ميديا -
منذ أيام وأنا أشارك كإعلامي في تغطية زيارات أسر الشهداء بتعز ضمن فعاليات الذكرى السنوية للشهيد.. زيارات أعترف بأنها خلقتني وعلمتني وأدبتني من جديد.
وجدتها أسراً كريمة، الأغلبية الساحقة منها فقيرة وريفية معدمة.. بيوت بدائية معظمها يفتقر لأبسط الخدمات الأساسية.. لم أشاهد ولو منزلا واحداً من طابقين أو منزلا يحيط به فناء وسور أو حتى شقة لوكس.. لم أشاهد قصرا أو فيلا يخص أسرة شهيد. فجميعهم تقريباً من أسر فقيرة ومتواضعة.. ومنهم من كان وحيد أسرة.. زرنا والدته وهي تبكي وتقول «دم ابني في أعناقكم»، وكل زادها من بعده كسرة خبز وماء وصورة لاصقة لابنها الشهيد على باب المنزل أو خزان الماء خارج المنزل.. صورة التهمت الشمس ألوانها حتى لا تكاد ملامح ابنها الشهيد تظهر فيها.. لكنها لا تفتأ تقبلها وتعانقها بعبرة يصعب علي وصفها.
أناس بسطاء وفقراء، لكنهم أغنياء بعطائهم، بأخلاقهم، بإحساسهم وانتمائهم الأصيل لتربة وطنهم.
عائلات لا تعرف الأسواق إلا نادرا.. لا تعرف الهواتف الذكية، ولا وسائل التواصل العصرية من واتس آب وتويتر وفيسبوك.. تواصلهم الوحيد هو مع الله ولا أحد سواه.
البعض منهم يسكن في قرى نائية أجزم أن المحتلين وأذنابهم لن يصلوا إليها حتى لو سيطروا على كل البلاد
لكنهم قدموا أرواحهم ثمنا لسيادة وطنهم وبإخلاص لا نجده لدى كثيرين ممن داس العدوان وجوههم ودمر ممتلكاتهم وسلب أموالهم وانتهك حتى أعراضهم!
شهداء كرام أبناء كرام أبناء كرام.. لم تطلق أسماؤهم على شوارع ومرافق، ولم تمجد أسماءهم زوامل عيسى الليث والنبهان.. ولم ترفع لهم صور عملاقة تقاس بالأمتار طولا وعرضا في الشوارع وعلى مداخل المدن والأحياء السكنية.
الله وحده يعلم أنهم عظماء، أُباة، شامخون.. وكفى بالله حسيبا..
شهداء.. أسأل الله تعالى أن يلحقنا بهم في الصالحين، وأن يجمعنا بهم في مستقر رحمته.
شهداء.. أسأل الله العلي القدير أن يلعن كل من خان تضحياتهم ولو بنزر يسير، وأن يخسف بكل من فرط في مقدار ذرة من دمائهم والأهداف التي ارتقوا في سبيلها.
رحمة الله عليهم جميعا.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
المصدر فضل النهاري
زيارة جميع مقالات: فضل النهاري