جمعيات على ورق!
 

سيف الدين المجدر

سيف الدين المجدر / لا ميديا -
الجمعيات التعاونية جمعيات مستقلة تتكون من أشخاص يتعاونون من أجل تحقيق المنفعة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، الهدف الحقيقي من إنشائها هو المساهمة في تحسين الواقع المعيشي للمجتمع.
في بلادنا يوجد حوالي ثلاثة آلاف جمعية زراعية، إذا سارت في المسار الصحيح الذي وجدت من أجله، فسوف تحقق نتائج عظيمة، لكن يمكننا القول بأن هذه الجمعيات وهمية وليس لها أي صلة بالواقع العملي. فرغم هذا العدد الكبير من الجمعيات، إلا أنها تكاد تكون غير موجودة في الأصل، إذ لا نلحظ لها أي إسهام في تغيير واقع المزارعين والزراعة في بلادنا.
الجمعيات التعاونية ليست مثل المؤسسات الحكومية لكي نقول إنها قد تأثرت بسبب العدوان على بلادنا ولا جناح عليها إن غاب دورها وتأثيرها. فهذه الجمعيات لو كانت أديرت في السابق بالشكل الصحيح والجاد، لكانت خففت الكثير من آثار العدوان الكارثية، ولكانت عاملاً من عوامل قوة وتعزيز الاقتصاد المقاوم في هذه المرحلة، لأن العمل المجتمعي الذي يكون في نطاق جمعية هنا أو هناك هو عمل خالٍ من المركزية الحكومية، ولا يحتاج إلى قرار حكومي، بل هو عمل مرن يتناسب مع طبيعة المرحلة وحاجة الناس الملحة والضرورية.
الجمعيات الزراعية لو كان لها أسس صحيحة لما تأثرت بالعدوان، لأن الأمر بين المزارعين أنفسهم وبين مواردهم المشتركة يجمعونها ويشكلونها كيفما يشاؤون من أجل مواجهة التحديات، إما من أجل الحراثة وإما من أجل المدخلات الزراعية وإما من أجل التسويق وما هو المحصول المطلوب في السوق... أما المجتمع فهو من يدير نفسه. ولكن عندما ندقق في الأمر عن كثب تجد أنها كانت عبارة عن حصالات يمتلكها أشخاص يلهثون خلف قروض البنوك والمحاصصة بين القوى السياسية الحاكمة.
مراكز قوى وأشخاص نافذون لا يهمهم أهداف ولا تهمهم جمعية ولا مجتمع. معظم الجمعيات الآن ترزح تحت ديون كبيرة، وهي في الحقيقة كانت حبراً على ورق، لا أصول ولا نظام مالي ولا أرشيف ولا واقع عملي حقيقي... لقد كانت مجرد وهم فقط.
هذا التحرك الثوري في الجانب الزراعي بالبلاد يتطلب إعادة النظر في هذه الجمعيات، فلا نريد أن نخطط لزيادة إنتاج جمعيات وهمية جديدة كما كان في السابق، بل يجب أولاً أن يتم تفعيل الموجود منها بالشكل المطلوب والجاد الذي يحقق أهداف الثورة الزراعية، بحيث تتحول هذه الجمعيات من عائق إلى فرصة. يجب النظر في هذا الأمر حتى لو استدعى الأمر توقيفها وإنشاء جمعيات جديدة تعمل من أجل تحقيق هدف وغاية سامية لمصلحة المجتمع، وعلى من تتوق نفسه إلى الأيام الخوالي من الفساد أن يعلم أن الأمر قد انتهى.

أترك تعليقاً

التعليقات