سيف الدين المجدر

سيف الدين المجدر / لا ميديا -
لطالما كانت المؤسسات والمكاتب التي تختص بالقطاع الزراعي معنيةً بتطوير هذا القطاع، ومعنيةً أيضاً بتكوين علاقة وثيقة مع المزارع من أجل إيجاد قاعدة وبيئة صالحة لتنفيذ الاستراتيجيات التطويرية للقطاع الزراعي، ولأن المزارع هو المعني الأول بعملية التنمية، وبدونه فلا حاجة لنا بهذه المؤسسات والمكاتب الزراعية.
وهنا أورد مثالاً بسيطاً على حجم الفجوة الكبيرة التي أوجدتها السياسات الزراعية الخاطئة للأنظمة السابقة، فقد قيل من باب الدعابة لمجموعة من المزارعين وهم يعملون في حقولهم إن وزارة الزراعة قد أغلقت ولم تعد موجودة، فردوا قائلين: "والله ما ندري أن به وزارة زراعة"!
لقد جاء الرد بخطابٍ بسيط من أولئك المزارعين، والقصد هنا أنهم لن يتأثروا بغيابها، لأنهم لم يلمسوا منها أي شيء أصلاً. وهذا المثال له دلالات خطيرة على واقع علاقة وزارة الزراعة بالمزارعين، ومنه نستنتج حجم البعد المؤسف بين المزارعين ووزارة الزراعة والمؤسسات والإدارات التي من تحتها، التي يجب عليها أن تعرف وتدرك جيدا أنها هي التي تحتاج المزارع من أجل تحقيق استراتيجيات التنمية الزراعية.
ولا يخفى على أحد أن الحال تغير وهناك تغيرات إيجابية في هذه الوزارة، وهناك من الرجال المؤمنين من يقومون بعمل دؤوب من أجل النهوض بهذا القطاع العظيم، متقربين بجهودهم إلى الله أولاً، ومستجيبين لتوجيهات قائد الثورة. لكن هناك جهات عليها مسؤولية إدارة التسويق في القطاع الزراعي، لا تزال تعاني من بعض التخبط، رغم أن مسألة التسويق تُعد أهم حلقة في سلسلة القيمة، أي أنها من أهم محاور النجاح في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وبدون آلية تطويرية من قبل هذه الإدارة يلمسها المزارعون في أرض الواقع، فإنها تمثل عائقاً أكثر من كونها رافداً للعملية الزراعية.
فعندما تتحدث مع المزارعين ستجد في كلامهم ما يؤكد أن هذه الإدارة مجرد تحصيل حاصل، إذ لا يلمس المزارع منها أي تطوير يعود عليه وعلى المجتمع بالفائدة. كذلك مشكلة المركزية التي ربما تعرقل عملية التسويق أكثر من تسهيلها، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على بقية التحركات الثورية في الجانب الزراعي، لأنه يتكون لدى بعض المزارعين عوائق نفسية تعيق الخطط الموجهة للتنمية وتجعلهم ينصهرون في بوتقتهم السابقة، وبذلك تصبح أنشطتهم فرديةً لا تلامس أهداف الثورة الزراعية.
أنا كمواطن أرى أن من المفترض أن تتم عملية إدارة التسويق عبر تخفيف جرعات المركزية القاتلة المصاحبة لها، بحيث تكون على مستوى المحافظات والمديريات. وكذلك على هذه الإدارة والقائمين عليها أن يعيدوا بناء الثقة بينهم وبين المزارع، كي لا يؤثروا على مسارات الثورة الزراعية. إننا هنا لا ننتقص مما يبذلونه من جهود عظيمة، ولكننا نطلب منهم المزيد والمزيد من الجهود، وعليهم أن يعلموا أن التسويق ركيزة أساسية في عملية الإنتاج الزراعي، وأنهم جبهة لوحدهم، وبمقدورهم أن يحققوا انتصارات زراعية عظيمة للبلاد، فالشعب يرى فيهم الأمل.

أترك تعليقاً

التعليقات