منطق مرفوض!!
 

توفيق هزمل

توفيق هزمل / لا ميديا -
السلطة، أي سلطة، عبر التاريخ، وفي كل أنحاء العالم، بغض النظر كانت سلطة عادلة أو ظالمة، نزيهة أو فاسدة، تعمل في ظروف طبيعية وتعمل بشفافية، أو في ظروف حربية وتحتاج لإدارة أعمالها بشكل سري... إلخ، لها قواعد لعبة تضعها بنفسها وتلتزم بها وتضع لها ممرات خلفية وطرق التفافية لتفعل ما تشاء، وبالوقت نفسه تظهر أمام الرأي العام كسلطة تدير دولة لها قوانين وأنظمة حاكمة.
فالقانون والنظام ضرورة وجودية لأي سلطة، لأنهما ما يدفعان أفراد الشعوب للاطمئنان لها والالتزام بالضوابط والقوانين، نتيجة شعور عام بأن القانون فوق الجميع.
من هنا يظهر مفهوم رجل الدولة، وهو ذلك الخبير بقواعد اللعبة وطرق اللعب وفقها بحرفية عالية، سواء لتحقيق أهداف نبيلة أو وضيعة، وإنفاذ إرادة صالحة أو إرادة فاسدة، وتحقيق مصلحة عامة أو مصلحة خاصة... إلخ.
عندما يرتكب رجل الدولة خطأ ويخالف قواعد اللعبة، ويتمكن منافسوه أو أعدائه من توثيق الخطأ وتسريب المعلومات أو التفاصيل للإعلام والرأي العام، عندها يتخلى عنه النظام السياسي أو السلطة فوراً، ويتحول إلى كبش فداء للنظام السياسي أو السلطة، ويقدم لمقصلة القضاء لترسيخ مفهوم الدولة وسيادة النظام والقانون، وبالتالي الاحتفاظ بشرعية بقاء السلطة.
لكن الذي يحدث عندنا أنه يتم تحطيم قواعد اللعبة، وليس فقط الخروج عليها، بشكل متكرر في كل القضايا التي تم تسريبها للرأي العام.
وفي كل مرة يتم اختصار المشكلة في أنها مشكلة تسريب وإعلام، فيتم البحث عن مصدر التسريب من خلال اعتقال الناشرين، ويتم توظيف هذا الاعتقال لإرهاب الرأي العام، ويتم إطلاق حملة تخوين وشيطنة وتنكيل بالناقدين، وبعدها حملة تطبيل وتلميع لمن خالفوا أو حطموا قواعد اللعبة.
وبذلك تصبح الرسالة الموجهة للشعب أنه لا وجود لمرجعية نظامية أو قانونية حاكمة، بل المرجعية هي «نحن، نريكم ما نرى ونقرر ما نشاء، ونهديكم سبل الرشاد، فنحن نمتلك القوة والمال ونستطيع حبسكم أو التنكيل بكم وأن نعين من نشاء ونعزل من نشاء، ونجوع من نشاء ونشبع من نشاء، ونعز من نشاء ونذل من نشاء، فنحن على كل شيء قديرون».
هذا النوع من الرسائل لا تصدر عن نظام سياسي أو سلطة، بل عن... في فمي ماء!!

أترك تعليقاً

التعليقات