تلاشي القوة الناعمة
- توفيق هزمل الجمعة , 5 سـبـتـمـبـر , 2025 الساعة 7:58:09 PM
- 0 تعليقات
توفيق هزمل / لا ميديا -
الغرب الصهيوني، وعلى رأسه الولايات المتحدة، قام ببناء نظام عالمي وأرسى أسس ما يمكن تسميته مجازاً بـ»الحكومة العالمية»، متمثلة في الأمم المتحدة ومؤسساتها، ووضع القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والقيم الأخلاقية الدولية.
كل ما سبق تم هندسته بحيث يتناسب مع الولايات المتحدة وحلفها الصهيوني - الغربي، بحيث يستتب لها الوضع العالمي وتصبح المهيمنة على العالم بيد ناعمة اسمها «الشرعية الدولية» و»القوانين والأعراف الدولية»... لكن النظام الليبرالي الرأسمالي الغربي ونظام العولمة الذي وظف الفجوة الاقتصادية والصناعية والمالية الهائلة للغرب الأمريكي في وضع قواعد التجارة الدولية، بحيث منع أي شكل من أشكال الحماية لأي دولة تحاول النهوض، قتل أي فرصة لتحقيق اكتفاء ذاتي أو إنشاء بنية صناعية تستطيع المنافسة، وأغرقت أسواق العالم بالبضائع الغربية... ومع سقوط الاتحاد السوفييتي وانفتاح أسواق جديدة لم يعد الإنتاج الغربي يغطي حاجة الأسواق، خصوصاً مع ارتفاع كلفة الإنتاج في الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها أمريكا.
لذا لجأت الشركات الأمريكية والغربية إلى البلدان الفقيرة ذات الكثافة السكانية الكبيرة لتقوم بإنتاج بضائعها في هذه الدول بتكلفة رخيصة. ولكن هذه الخطوة كانت غلطة الشاطر، فقد انتقلت التقنيات والمعارف تدريجياً إلى تلك البلدان، وعلى رأسها الصين، فبدأت في منافسة الغرب الأمريكي في الإنتاج الصناعي وفق القواعد الدولية التي وضعها الغرب.
هنا وجد الغرب الأمريكي نفسه يشرب من الكأس التي جرعها للعالم، ويقع في شر أعماله؛ لذا لم يعد النظام الدولي وقيمه يخدم مصالح أمريكا. وهنا قررت أمريكا التخلص من القوة الناعمة، وبدأت بضرب قوانين التجارة الدولية عرض الحائط، وبدأت أيضاً في ضرب كل قوانين الشرعية الدولية والقوانين المنظمة للعلاقات وقوانين حقوق الإنسان.
فقد قصفت دولة لديها برنامج نووي سلمي يقع تحت إشراف المؤسسات الدولية ويضمن لها القانون الدولي حماية منشآتها النووية، وقبلها استباحت غزة، وعطلت كل المؤسسات القانونية التي تحمي حقوق الإنسان، وعلقت العمل بقوانين الحرب من خلال ذراعها الصهيونية المسماة «إسرائيل»، وصولاً إلى استهداف حكومة مدنية في صنعاء.
عندما تشاهد ما يحدث حول العالم تجد تخلياً أمريكياً عن قوانين التجارة مع الدول النامية، وعلى رأسها الصين، وعلى الجانب الآخر تخلى الأمريكي عن القوانين والأعراف الدولية مع الدول والمناطق الأقل نمو كإيران واليمن وغزة وفنزويلا.
أي أن القوة الناعمة للغرب الصهيوني تلاشت، أو في طريقها للتلاشي، وبالتالي ما يحكم العالم اليوم هو قانون الغابة أو قانون القوة، ومن قوي سلاحه عاش، وهذا ما يجب أن نعيه ونتصرف على أساسه.
المصدر توفيق هزمل
زيارة جميع مقالات: توفيق هزمل