عن الثورة على باب الله
 

علي عطروس

علي عطروس / لا ميديا -
لن نتحدث عن الحصار والعدوان والمؤامرات والفساد والخونة والمرتزقة واللصوص والدولار الجمركي وضريبة الدخل والكوميشنات ومنظمات الإغاثة والعمالة والعمولات والتعيينات والطابور الخامس تمهيدي و... و... و... إلخ؛ فكل ذلك وغيره صار من المعلوم عند الناس بالضرورة؛ لكننا سنتكلم عن الواقفين على باب الله وعند نوافذ المستشفيات وشواقيص المدارس وفي طواريد المساعدات وجولات المرور وأمام المطاعم والبوفيهات وعلى أرصفة العوز ودكات الحاجة... عن أولئك القابضين على جمر الثورة، الماسكين بثوب التغيير، المتشبثين بأمل العدالة، الطامحين بالدولة الطامعين بحكومة «تقط المسمار».
لستُ بغافلٍ -مع إشغال هذا الحيز الكتابي بالاشتغال الحالم على عنوان الثورة السماوي- عن الشغل على تفاصيل الحادث والنفاذ إلى «ديتيلز» الواقع الأرضي؛ غير أنه لا ضير من الركض بين كل تلك المسافات المقطوعة ثوراتٍ لا تنفك عن السعي، وبين جميع هذه المساحات المتقاطعة بقراتٍ لا تنهك من الرعي.
وفي النفس شيء من حتى، وشيء من لو، أستعين بالله السميع العليم وأحيل حدسك الصادق -عزيزي القارئ- إلى العنوان الأساسي الذي أشار إليه قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطابه الأخير بمناسبة تدشين أسبوع الشهيد، فيما يتعلق بالوضع الداخلي، حيث أكد السيد أن الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية والعمل على إصلاح الوضع المزري للجانب الرسمي هما مكونات ومكنونات ذلك العنوان، لافتا إلى أهمية أداء المسؤولين مسؤولياتهم في خدمة الشعب ومعالجة الاختلالات وتجاوز المصالح الشخصية، لما لذلك من أهمية كبيرة في الوضع الداخلي وتماسك مؤسسات الدولة.
كما شدد السيد على أهمية السعي لتقوية العلاقة بين الجهات الرسمية والشعبية، وأن تتضافر الجهود بين الجميع لتحقيق النتائج المهمة، مشيرا إلى أن الأعداء يعملون تحت عنوان العنصرية ليل نهار، لخلق المشاكل بين أبناء الشعب اليمني. وقال: «نحن أبناء وطن واحد، وأمة واحدة همها ومصيرها واحد، ويجب أن نعزز حالة التعاون والأخوة لضرب مساعي التفرقة. كما أن العدو لا يألو جهدا في استغلال المشاكل والنزاعات حتى بين القبائل، لتأجيج الفتنة وسفك الدماء».
وحذّر السيد عبدالملك من العناوين المذهبية، حاثا الجميع على السعي لترسيخ الهوية الجامعة والقواسم المشتركة والروابط العظيمة التي تجمع أبناء الشعب اليمني والوعي بأساليب الأعداء التي يعملون من خلالها على تفكيك الجبهة الداخلية.
في التحليل: عدو يسعى بكل إمكانياته وأدواته ووسائله الضخمة إلى ضرب الجبهة الداخلية. هذا جليٌّ وواضح وأكيد؛ لكن غير المفهوم هو تناص البعض من المحسوبين على الداخل المقاوم والمحتسبين لحمايته مع العدو وغاياته، سواء بوعي ملتبس أو بجهلٍ مفلس، باقتراف الخطايا وارتكاب الأخطاء أو باجترار السلوكيات السالبة والسلبية واجتزاء الحلول واجتراء الحيل.
يلزمنا البحث بدايةً عن طُرق الطرق على أيدي المذنبين، والسحب من أرصدة الحسابات الثورية المزيفة. ويتوجب علينا -سيرورةً وصيرورةً- المضي بحد السيف لا الكيف، والسير بأقدام النماذج المشرفة والشريفة لا بأقلام الأقزام من بقايا الرماد وبغايا الفساد.
وبين متارس الخلود ومدارس الصمود يجب أن نستعيد حساب خصوصية الثورة، حيث البريد الصادر شفافية ومستشفيات، والبريد الوارد عافية تنأى عنها شركات الأدوية المنتهية الصلاحية.
أعيدوا الثقة إلى أرصفة المعدمين بأرغفةٍ بعيدةٍ عن ويل المطففين، واستعيدوا مطرقة العدالة من قضبان المحسوبين عليكم والمحبوسين خارج زنازين الثواب والعقاب.
افقؤوا أعين التجار بمخارز القسط، واقطعوا ألسنة الفجار بتلاوة ما تيسر من سورة الفجر. فكوا الحصار بسنابك الصيد المعفية من الصنارات الضريبية، وارفعوا العدوان بخفض جناح الذل من الرحمة وقص جناح الكتاب المدرسي عن معرض الحكومة في أفران الحطب والخُطب ومحاريب ألف تبٍّ وتب!
اخدموا الشعب، كل الشعب، كل الشعب، كما كرر السيد، واخمدوا اللهب المتصاعد من أفواه الفتنة ومن فوهات البنادق، واحمدوا الله على ما آتاكم، ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين!

أترك تعليقاً

التعليقات