مخطط تفكيك الإثنية بعد القومية والهوية
 

زياد السالمي

زياد السالمي / لا ميديا -
ربما الساعة الثانية ظهراً أو مساءً بتوقيت مكة المكرمة حطت الطائرة على مدرج مطار الإمارات العربية؛ كان على ظهر الطائرة علامة نجمة سداسية وعلم الكيان الصهيوني المحتل للأرض العربية الفلسطينية..
يترجل من على تلك الطائرة بكل ثبات وهو يضحك ويبتسم رئيس الكيان الصهيوني؛ كما سبق أن حطت طائرة مصر جمال عبدالناصر وترجل الرئيس عبدالفتاح السيسي وكل أهل الفخامات والجلالات. ماذا يعني ذلك؟! أين أدبيات وجودنا ووعينا..؟! أم أنها الهزيمة بتجليات هزيلة لعروبة يضحك عليها ويروج لها اختيار أعداء لم يكونوا ولن يكونوا البتة أعداء؟ هل فهم العرب المخطط الاستعماري الجديد فيقفون مقاومين له ومدركين ما سيؤول إليه حالنا من عدمية الحياة؟!
لن تنجو الجزائر كما لن تنجو مصر كما لن تنجو دول الخليج إن تركنا سوريا واليمن والعراق والسودان وتونس وليبيا للاستعمار الجديد وأدواته دون مقاومة، لم تكن إيران خطراً، ولكن الغرب يفرضها كخطر، بينما الخطر هي «إسرائيل» والولايات المتحدة الأمريكية والتنفيذ عبر الإخوانية القطرية التركية. واليوم عبر الإمارات يستكمل المخطط.. متى نصحو وندرك أننا إذا لم نواجه مخطط التمزيق بتوجه الوحدة فإننا سنؤول إلى وضع أسوأ مما نحن فيه من تردٍ لا يسر؟
الدعوة للوحدة والتغلب على الجراح وتقديم التنازلات وإدراك طريقة العدو واستخدام الوسيلة المناسبة لدحره ومجابهته وصده هي سفينة النجاة لهذه الأمة، وبغير ذلك فإن تجاهلنا لهذه المقاومة سيعين العدو على الانتصار وتنفيذ مخططه الاستعماري.
كما لي القول بثقة إن القومية العربية لا تتعارض مع القوميات الأخرى، بل إنها قد تتفق وتشكل هوية واحدة جامعة، بل يعلم الجميع أنه قد تتعدد القوميات في جسد واحد وفق إطار الهوية الواحدة، لكن لا تتعدد الهويات في جسد واحد، وهذا يقف عليه ويسوغ متخصصون وفلاسفة عالميون.
وكان وسيكون الإسلام هوية جامعة للقومية العربية والفارسية والباكستانية والتركية والماليزية والإندونيسية و.. و.. و.. و.. و.. في ظل تاريخ الهزيمة الذي يقوم على التكتلات والتجمعات كأوروبا (الاتحاد الأوروبي) مثلاً.
وفي السياق المعيشي الواقعي وحين نشاهد وضعنا العربي وما يحدث فيه نتألم وكأننا نتوهم أن وجودنا هو عبر التمزق والتفكك.. بدلا من التوحد الذي سيعيننا -على أقل تقديرـ على الاحتفاظ بالحيز الوجودي المكاني الحاضر وذلك عبر السعي إلى التكتل الحقيقي والوحدة كسبيل كفيل بأن يحمينا من المخطط الغربي اللعين.. لماذا لم نستفد من وحدة الغرب والاتحاد الأوروبي ونحاول أن نكون مثلهم.. دينيا أو جغرافيا.. أم نكون بلا إرادة بما يخطط لنا الغرب وخطره؟!
كيف ننسى أن سبب إنشاء وزرع كيان العدو «الإسرائيلي» هو عدم تحقيق الهوية الإسلامية الواحدة وكذلك الهوية العربية كقومية ومنع حدوثها، والآن فإن الأحداث تسير بنا لتمزيق وتفكيك الممزق والمفكك الذي يصب في خدمة الغرب المستعمر والمحتل.. وبالتالي على دول الجوار ومن في حكمها التنبه لذلك، وأن تدرك أن الخطر يكمن بالمخطط الغربي الذي يسعى لإنهاء هويتنا وإعدامها، ويسعى لتمزيق القومية الواحدة، كما ندرك أن الخطر ليس في تعدد القوميات (وليس اليمن خطراً أو العراق أو إيران) وكذلك وحدة الهوية لهذه القوميات ليست خطراً بقدر ما تكون صمام أمان لوجود العرب جميعاً ووسيلة ردع مناسبة للخطر المحدق بإنهاء كل وجود وسيادة وإرادة للعرب وللدول الإسلامية كند وحليف وليس تابعاً وخاضعاً.
إيران مثلها مثل الوطن العربي عرضة للمخطط الاستعماري الغربي كعصر ما بعد الكولونيالية.. والأولى كما هو المنطق السليم يوجب من كل الدول العربية للحفاظ على وضعها قبل مسمى «الربيع العربي» دون تمزيق، عليها التحالف مع إيران لا ممارسة الخضوع والانقياد للعدو الغربي بتسهيل مهمة تنفيذ الخطة الاستعمارية من خلال إبداء العداوة لها واعتبارها خطراً وعليها الاتفاق معها والتحالف معها حتى تدفع الخطر المحدق بالمنطقة الجغرافية بمختلف قومياته وهويتها الواحدة كأمة إسلامية.
وعلينا التنبه إلى الأخطاء التي رسخها الاستعمار في أذهاننا؛ والتي منها القول «بطاقة الهوية»، في حين الأنسب هي «بطاقة شخصية» أو «بطاقة قومية»؛ باعتبار الحقيقة السليمة والأصوب هي أنه قد تتعدد القوميات، ولكن الهوية ينبغي أن تكون واحدة، كونها الرابط الجامع للقوميات على أساس مثلاً وحدة الدين؛ ولهذا قال عز من قائل: «فسيأتي الله بقوم غيركم».. فالقومية قد تتعدد وليست مشكلة، بل سبب للاجتهاد والتنافس في خدمة الهوية الجامعة، الهوية الإسلامية.

أترك تعليقاً

التعليقات