الشيطان الأكبر مدحوراً
 

عزيز راشد

العميد عزيز راشد / لا ميديا -
إعلان الإدارة الأمريكية الخروج من أفغانستان يعبر عن هزيمة مذلة للولايات المتحدة الأمريكية المتعجرفة في اتخاذ القرارات الأحادية في غزو أفغانستان، وها هي تعلن انسحاباً أحادياً بعدما شعرت بأن الكلفة أكثر من تحقيق الأهداف، وبالتالي شعرت بأن أفغانستان ربما تكون فيتنام ثانية تؤدي إلى هزيمة كبرى يستفيد منها الصين وروسيا وإيران للانتقام الروسي من الحرب الباردة والانتقام الإيراني من الحصار والانتقام الصيني من قرارات ترامب.
إذن، بعد إعلان قرار الانسحاب أطلقت طالبان الأعيرة النارية في الهواء معلنة هزيمة الإدارة الأمريكية وانتصار طالبان على أكبر دولة تمتلك السلاح والمال والنفوذ والانتشار، الأمر الذي تسبب بسخط داخل الولايات المتحدة لم يسبق له نظير، وهو ما ينذر بحالة السخط التي سوف تتصاعد داخليا نتيجة الانسحاب الفوضوي الذي أنهى كل المعاني الإنسانية والقيم الأخلاقية والالتزامات الأمريكية بالحقوق والحريات وتحقيق العيش الرغيد للشعب الأفغاني التي أعلن عنها قبل وبعد الغزو فإذا بالإدارة الأمريكية تنقلب على كل الوعود وتضع نفسها في أكبر حرج تاريخي للولايات المتحدة الأمريكية، وهو إعلان أفول التدخل العسكري ضد الدول، وهو ما ينبئ بأننا سنشاهد انسحابات متتالية من العراق وسوريا وغيرها من الدول نظرا للانكفاء الاقتصادي في الداخل الأمريكي إن لم يحدث انسحابات من الدول التي احتلها، لأن كلفة المواجهة سوف تتصاعد.
والنتائج الهامة من هذا الانسحاب ما سيسرع بتسويات إقليمية في الشرق العربي بين إيران والسعودية وتركيا والإمارات وإعادة العلاقات مع سوريا، كما سيدفع الاتحاد الأوروبي إلى الاعتذار لسوريا على ما قاموا به من اشتراك مع أمريكا والتكفيريين في تدمير سوريا.. وملفات أخرى سوف تكون حاضرة للتسوية نتيجة تعالي الخوف والرهبة لدى دول حلفاء واشنطن التي شعرت بأن أمريكا لا يمكن الوثوق بها، بما فيها كيان الاحتلال الصهيوني الذي أعلن ذلك صراحة، خصوصا وهناك تجارب ماثلة أمامهم مثل التخلي عن شاه إيران سابقا، وكذلك ترك أفغانستان والحكومة التي أنشأتها منذ 20 عاما عالقة في مطار كابول في مشهد مذل ومخز ويدعو إلى الاشمئزاز من منظر يعبر عن صورة مخجلة وقبيحة لم يحدث لها نظير في التاريخ وعملاؤها يركضون أمام وخلف الطائرات لمحاولة التشبث في أي جزء من الطائرة حتى ولو أدى ذلك إلى سقوطهم بعد الإقلاع، وهو ما حدث.
لذلك كان المشهد الأمريكي مراً جداً، ووضعها في أسوأ مرحلة تاريخية تمر بها الآن.
مع أن أمريكا في تاريخها تبدل جلدها لخلق مشهد آخر وفي تشبيك علاقة مع طالبان لتنفيذ مرحلة أخرى من التآمر على الشعوب مهما كان قبح المشهد أمام العالم.. وهي ضمن أدوات الإرغام التي أعلنت أمريكا عنها في وقت سابق أنها تؤيد الخصوم أحيانا للإضرار بدول أخرى.
ومن هذا المنطلق على العالم أن يعزز كلمات الإمام الخميني (رحمه الله) الذي قال بأن أمريكا هي الشيطان الأكبر.

أترك تعليقاً

التعليقات