أكتوبر.. تاريخ المتغيرات ورسم المعادلات
 

عزيز راشد

العميد عزيز راشد / لا ميديا -
لقد مثّلت عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر ضربة عسكرية هي الأقوى منذ تاريخ الاحتلال، بل إنها هزت عواصم الدول الاستعمارية في الغرب، باعتبار الكيان الصهيوني هو القاعدة العسكرية المتقدمة التي زُرعت لزعزعة أمن واستقرار الوطن العربي والإسلامي، لمحاولة السيطرة على المشروع الإسلامي ومقدساته واستنساخ دين جديد تحت اسم «الدين الإبراهيمي»، والذي للأسف روج له شياطين من دول (الأراضي المقدسة) إعلامياً وسياسياً، وكذلك محاولة السيطرة على ممراته وثرواته الاستراتيجية التي هي قوام النهضة الصناعية الغربية.
لذلك، أدركت الدول الغربية أهمية القضاء على «طوفان الأقصى»، حيث قدمت للكيان الصهيوني كافة أنواع الدعم والمواجهة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وإعلامياً، ومولت وتكفلت بالتصدي لهذا الطوفان ومهندسيه، وبضرب حتى حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، الذي كفلته كل شرائع الأرض والسماء.
بالمقابل قدم محور المقاومة الدعم والإسناد بكل ما يمتلك من قدرات، ومثّل صمودا وتصديا لكل المشاريع الغربية، بما فيها مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي هو مشروع أمريكي بالأساس، والذي أعلن عنه نتنياهو عقب نشوة اغتيالات طالت قيادات في محور المقاومة، وظن العدو أنه قد نجح في تحقيق أهدافه؛ لكنه فوجئ عقب عام من المواجهة وبتاريخ الذكرى الأولى لـ«طوفان الأقصى» ومنذ اليوم الأول بعمليات نوعية متعددة، أهمها ما يلي:
• عملية «الوعد الصادق 2» الإيرانية في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، والتي جددت «طوفان أقصى» جديدا، ومثلت ضربة استراتيجية مازال العدو الصهيوني يضغط على أمريكا لتقديم الدعم والمساندة لضرب إيران، لأنه لا يجرؤ على ذلك بمفرده ضد إيران، لأنه يعلم أن الضربة الثالثة ستكون بداية الزوال.
• عمليات بداية الإيلام التي نفذها حزب الله منذ 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 ضد قواعد التدريب في حيفا، والتي مثلت صدمة أمنية وعسكرية ضد الكيان الصهيوني، أنهت وقضت على ما يسمى «القبة الحديدية»، و«مقلاع داوود»، وأنظمة «حيتس» و«آرو» و«باتريوت».
• عملية طائرة «يافا» اليمنية التي نفذها الجيش اليمني في 19 تموز/ يوليو 2024 أدخلت معادلة جديدة في عمق الكيان الصهيوني كرسالة واضحة لما هو قادم.
• عمليات الصواريخ الفرط صوتية التي استهدفت مطار بن غوريون أثناء عودة نتنياهو من واشنطن في 28 أيلول/ سبتمبر 2024 أدخلت معادلة بداية الرعب.
• العملية النوعية التي نفذها حزب الله في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 باستهداف منزل إقامة المجرم نتنياهو، أدخلت معادلة «السن بالسن والعين بالعين والقصاص جروح». إنها معادلة إطفاء النشوة والغرور لقادة الصهيونية.
إذن، نحن مقبلون على رسم معادلات نوعية جديدة وخارطة شرق أوسط جديدة وفق رؤية محور المقاومة، وبات على المحتل وعلى العقليات الاستعمارية الداعمة للكيان المجرم الاختيار بين مصالحها ومصالح شعوبها أو مصلحة الكيان الصهيوني ومشاريعه الهدامة، والذي لن يستقر «الشرق الأوسط» إلا بزواله ورحيله من المنطقة.
ومن حيث الدبلوماسية والمشاورات والمفاوضات والوسطاء وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية فلم يعد لها أي قيمة أو معنى أمام الرفض الصهيوني الخارج على القانون الدولي والإجماع الأممي بضرورة وقف العدوان والحصار الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، بل إنه انتقل إلى العدوان على لبنان واليمن وسورية وإيران، ويريد حرباً وعدواناً ضد المدنيين وفي الإقليم؛ لكنه في أرض الميدان جبان وضعيف في المواجهة المباشرة، والدروس الميدانية التي ينالها ويتجرعها من كتائب الرضوان خير مثال على هشاشة بيت العنكبوت.
ولم يعد أمام محور المقاومة والشعب الفلسطيني سوى المواجهة العسكرية طويلة الأمد أو قصيرة؛ لأن هذا مصير أمة وشعب، ويجب بذل كافة أنواع الوسائل والتطوير العسكري والتكنولوجي لإيلام العدو ولزعزعة أمنه واستقراره، ونفس الاحتلال قصير، وإن ادعى أنه سيواصل العدوان، لكنه اقتصادياً وعسكرياً يخسر ويتألم ولن ينال سوى الهزيمة هو ومن معه.
أمريكا هُزمت في كل حروبها، كان آخرها في أفغانستان، فلسنا أقل من أفغانستان وفيتنام وكوبا وكوريا، فلدينا قضية عادلة وعدو يجب زواله بنصوص قرآنية واضحة.
ومن حيث الثقة، ثقتنا بالله وبأنفسنا وبقيادتنا كبيرة، وثقتنا بأن نصر الله حتمي ونهائي وبهزيمة العدو ومعاونيه، وعد الله الذي لا يخلف وعده، قوله الحق وهو خير الناصرين.

أترك تعليقاً

التعليقات