ثمن حماقة أمريكية
 

عزيز راشد

عزيز راشد / #لا_ميديا -

لقد ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية خطأ استراتيجيا غير محسوب العواقب من ردة فعل محور المقاومة على كافة الصعد والمحاور المختلفة.
لذلك نؤكد أن حماقه ترامب السياسية لمحاولة الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض هي التي دفعته إلى ارتكاب هذه الجريمة، إلى جانب دوافع أخرى منها "إسرائيلية" وسعودية على حساب مصالح الولايات الأمريكية لمصلحة كيان العدو "الإسرائيلي" والسعودية اللذين طالما الحا على الأمريكان بمثل تلك العمليات لتوريط أمريكا في الاشتباك المباشر مع إيران بدلا عنهما نظرا لعجز وفشل وخوف كيان العدو "الإسرائيلي" والسعودية من خوض حرب مباشرة مع إيران، خصوصاً أن كيان العدو "الإسرائيلي" قام بعدد من العمليات العسكرية ضد مقرات الحشد الشعبي في العراق، ولكن ربما لم يجرؤ على اغتيال الفريق سليماني خشية وخوفا من ردة فعل إيرانية في كيان قلب المحتل "الإسرائيلي" وترك المهمة للأحمق ترامب الذي أعلن مؤخراً أنه من أعطى الأوامر للجيش الأمريكي باغتيال الفريق قاسم سليماني والحاج أبومهدي المهندس، وهي حماقة ستدفع ثمنها الولايات المتحدة الأمريكية غالياً، في ظل رفض أقرانه الرؤساء السابقين القيام بمثل تلك المهام التي سيقابلها ثمن باهظ في مصالحه وأهدافه في المنطقة والإقليم.
ذلك ما يقرأ من خلال بيان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الذي أشار إلى أن الرد سيكون مؤلما ومزلزلاً وثقيلاً، إلى جانب بيانات محور المقاومة وما ورد فيها من توضيحات واستعداد تام على الرد.
إذن نستطيع القول: "جنت على نفسها براقش" وأوجدت الدوافع اللازمة للرد على تصرفات الاستكبار الأمريكي والغطرسة التي تمارسها بحق الشعوب والدول وممارساتها المعروفة (المعولمة) بالإرهاب السياسي والإكراه العسكري والابتزاز الاقتصادي والتضليل الأيديولوجي والإعلامي وفرض الحصار والبحث عن الربح السريع والوفير على حساب الشعوب والدول والأشلاء والدماء التي تغذيها وتشرف عليها عبر أدواتها بما فيها التنظيمات الإرهابية داعش والقاعدة وارتباطها بقيادتها مخابراتيا.
وحسب اعتقادي سيكون الرد على عدة مستويات.

المستوى الأول: عسكرياً
وسيكون بإنهاء الوجود الأمريكي من العراق كرد استراتيجي وخطوة أولى ضمن الخيارات المتعددة للرد على هذه الجريمة والاغتيال التي اتت عقب ترصد وترقب وتصريحات واضحة من قبل أمريكا وكيان العدو "الإسرائيلي" واعتراف ترامب مؤخرا بأنه من أعطى الأوامر للجيش الأمريكي وعليه فليتحمل العواقب.

المستوى الثاني: سياسياً
 وهو الرد الإجرائي الأول الذي في متناول اليد، وهو اتخاذ قرار خروج إيران من معاهدة حظر الأسلحة النووية، وهو الموقف الذي سيزعج الصهاينة في المقام الأول والسعودية الحليف الاستراتيجي لأمريكا و"إسرائيل".

المستوى الثالث: إقليمي
هناك خيارات مزدوجة الأهداف في سوريا، وهي القضاء على أدوات أمريكا و"إسرائيل" في محافظة ومدينة إدلب وتطهيرها منهم، حيث يتواجد بها أكثر من 25 ألفاً من الإرهابيين الأجانب حسب تصريحات الحكومة السورية من خلال إحاطة الدكتور بشار الجعفري لمجلس الأمن وارتباط تلك العناصر بالإدارة الأمريكية وتركيا وكيان العدو "الإسرائيلي" في مدينه إدلب.
واتخاذ قرار تطهيرها يعتبر رداً قوياً وصفعة عسكرية ومخابراتية من النوع الثقيل دون مقدرة الأعداء المستكبرين على الاعتراض كما كان في السابق.
فما بعد اغتيال الفريق الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس ليس كما قبله، لأن ذلك يعني تصعيداً من نوع آخر، وربما تكون القوات الأمريكية في منابع النفط السورية الهدف الثاني الذي سيسقط ترامب سياسيا وعسكريا واقتصاديا ولن يحظى بفوز مرة أخرى، وكما نجح الإمام الخميني في عدم تسليم أسرى السفارة الأمريكية في طهران قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد مفاوضات مع إيران، لأن الهدف رسم في طهران بإسقاط كارتر من ولاية ثانية في البيت الأبيض، وهو المسار السياسي الذي سوف تتخذه طهران بحرمان ترامب من ولاية ثانية بمجرد الرد على حماقاته بضربات استباقية موجعة ومؤثرة في الوقت والزمان المناسبين، وستكون قبل الانتخابات لتحقيق الغرض والهدف المنشود وعلى ترامب انتظار الصفعة.
بالإضافة إلى ذلك فتح جبهة مقاومة في الجولان المحتلة كخيار طرح قبل عام من قبل الرئيس الأسد وعميد الأسرى الشهيد سمير القنطار رداً على الغارات الصهيونية المتكررة على سوريا.
ولا بد كذلك من استعداد كامل لضرب أهداف أمريكية في الخليج وخصوصا إذا قامت طائرات أمريكية من هذه الدول، في حال كان رد محور المقاومة على جريمة اغتيال الحاج سليماني والحاج أبومهدي المهندس مؤلماً وموجعاً ضد دول الاستكبار.
وهذا دفع الولايات المتحدة إلى إرسال أمير قطر إلى طهران لقولبة الرد على مستوى مقابل للاغتيال، خوفاً على قواعدها العسكرية في العيديد والسيلية القريبتين من إيران واللتين تعتبران أكبر قواعد الولايات المتحدة خارج أراضيها.
لذلك، سيكون محور المقاومة في غليان ومعنويات عالية ومرتفعة ومتشوقة لرد يشفي الصدور. وسيكون الطرف الآخر في حالة رعب وخوف شديد كما هو واضح من خلال الصمت الصهيوني وعدم استفزاز محور المقاومة، بالإضافة إلى أن تخوف أمريكا بات واضحا من خلال الرسالة التي بعثت بها الولايات المتحدة إلى القائمة بأعمال سفارتها في سويسرا، والتي تطلب ألا يتجاوز الرد الإيراني إطار عملية اغتيال قاسم سليماني وهذا يدلل على الخوف والندم والمعنويات المرتبكة للإدارة الأمريكية والجيش الأمريكي في العراق، وهذا إعلان قبول بالرد الإيراني ضد أهداف أمريكية.
وعلى محور المقاومة أن يستلهم صمود الشعب اليمني أمام أكثر من 20 دولة ضمن دول تحالف العدوان التي تقودها أمريكا والسعودية على اليمن منذ خمس سنوات التي استخدمت فيها كافة الأسلحة الحديثة والعصرية فلم تستطع أن تفعل شيئا على المستوى العسكري فلجأت إلى الحرب الاقتصادية والسياسية والإعلامية والحرب الناعمة، فقد أفشلنا فخر الصناعات الأمريكية وحولنا منظومات الباتريوت والإنذار المبكر إلى مجرد أسلحة عمياء أمام قدراتنا العسكرية المتصاعدة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والدفاعات الجوية والقوة البحرية التي وصلت إلى عمق دول العدوان بالمئات.
فما بالنا بالرد المزلزل والمرعب الايراني ومحور المقاومة وما يمتلك من مخزون استراتيجي من السلاح الرادع والقوى البشرية التي هي كفيله بوضع حد للغطرسة الأمريكية والصهيونية؟! وعلى الدول الصديقة والحليفة كروسيا والصين استغلال الفرصة، فقد حصحص الانتقام الصيني لما يحاك ضدها سياسيا واقتصادياً، وعلى روسيا القيام بدور يشبه الدور الأمريكي ضد الاتحاد السوفياتي في ما سمي بالحرب الباردة على أقل تقدير، لأنها دول مستهدفة أمريكيا.
وبهذه الفرصة سيتحول العالم إلى تعدد القوى والأقطاب وسنتخلص من الهيمنة الأمريكية في المنطقة ووضع حد للهيمنة الأمريكية ومن الانتفاخ الأجوف لأدواتها وأذنابها التابعة والمستحلبة.

أترك تعليقاً

التعليقات