خطاب قائد الثورة بين النصيحة والفعل
 

عزيز راشد

العميد/ عزيز راشد / لا ميديا -
من خلال الضغوط الأمريكية على دول الخليج، وعلى السعودية على وجه التحديد، في رسم توجهاتها حتى تضمن استقرار كيان العدو المؤقت في المنطقة، فشل وتبدد من خلال  المتغيرات الدولية والمواجهات العسكرية الروسية الأمريكية في أوكرانيا  والتحديات الاقتصادية الصينية القادمة في المرتبة الأولى خلال بضع سنين يجعلها غير متزنة في توجهاتها ومواجهة أزماتها الداخلية والدين العام الذي وصل إلى مراحل صعبة وعودة العرب إلى سورية واسترجاع مقعدها في الجامعة العربية بكل فخامة، والوصول إلى تسوية إقليمية بين إيران والسعودية، اللتين حذر الرئيس الأمريكي ترامب من أي تقارب بينهما، ها هي الصين تقرب المحظور وترسم سياسة جديدة للمنطقة، وبالتالي فإن ما خطط ورسم للمنطقة عبر أدواته تغير وتبدد، ولم يبقَ سوى الملف اليمني، الذي مازال هناك ضغوط أمريكية على السعودية والإمارات للاستمرار في العدوان الاقتصادي والحرمان من الثروات والإيرادات، والذي لن يطول، وسوف يكون الرد أقوى مما كان، وعندها تخسر السعودية وأمريكا وتنتصر إرادة الله في تحقيق النصر لدول أخرى .
ومن خلال متابعتنا وفهمنا لخطاب قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في ذكرى الصرخة في وجه المستكبرين هذا العام 1444 هجري 23 أيار/ مايو 2023، أننا سوف نصبر ونترك مجالاً ومساحة أخرى كافية لمراجعة المواقف والتفكير بمصلحة الأنظمة المعتدية لنفسها أولاً، ومراعاة للمصالح الإقليمية والمصالحة مع إيران وسورية والتقارب الإيجابي المسموح به أمريكياً.
ما لم فإن السلام لن يتحقق في ظل حرمان شعبنا من ثرواته ومقدراته وإيراداته الضرورية ليبقى حياً كبقية الشعوب، وكمطلب إنساني وحقوقي، ويرفع عن كاهله الحصار الجائر، فلن يستمر هذا السلام المخادع وهذا التنويم المغناطيسي لعنفوان شعبنا ونفاد صبرنا، إلى جانب عمل سياسي تخريبي لدعوات تشطيرية وعمل مخابراتي وإعلامي ضد المصالح الوطنية والمكاسب العربية العليا لوحدة الصف والجغرافيا لن يمر أبداً.
فإن كانت السعودية حرة في توجهاتها وقراراتها عن التوجهات والإملاءات الأمريكية، كما تدعي في إعلامها وسياستها الحالية فسنبارك لها هذا التوجه وعليها أن تبادر بالالتزامات التي جرت عبر الوسيط العماني في أسرع وقت، لأن الوقت المسموح به حسب اعتقادي من خلال هذا الخطاب الذي ربما يكون ما قبل الخطاب التحذيري الحاد النبرة كما عهدنا خطاباته السابقة، لن يتجاوز بعد هذا الخطاب عدة أشهر لمنح السعودية والإمارات وقتاً إضافياً لتنفيذ البنود المتفق عليها لأن تكون حرة في اتخاذ القرار وعدم الرضوخ للرغبات الأمريكية والصهيونية. ما لم فإن الحُجّة تكون قد تجاوزت حدود الصبر والتقوى، وعندها سوف نتوكل على الله بما لدينا من القدرات التي تجاوزت أضعاف ما كانت عليه في السابق والجهوزية عالية والعقيدة بالله كبيرة ولن يضرنا كيدهم شيئاً والله من ورائهم محيط.
وأعتقد أن الخطوات التي سوف تقوم بها القوات المسلحة اليمنية ستكون على مستوى داخلي سيادي، فإن تدخلت القوات السعودية أو الإماراتية بأي حماقة عسكرية عبر طيرانها العسكري فعندها يكون النظام السعودي قد كشف عن نفسه أنه العدو وقائد العدوان على اليمن، وأن التصريحات التي أدلى بها السفير السعودي (آل جابر) عقب اللقاء بالقيادة السياسية في صنعاء عبر الوسيط العماني لمحاولة الكذب على نفسه والكذب على المشاهد العربي والإسلامي أنه "وسيط" لن يفلت من الفضيحة السياسية والعسكرية عندما تقلع الطائرات السعودية والإماراتية ضد أي أهداف عسكرية أو مدنية يمنية.
لأن ذلك سوف يقابل بأسراب من الجراد المنتشر بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية والصواريخ البحرية المتطورة التي سوف تمطر الأماكن الحيوية والاقتصادية والقواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي إلى جانب عمليات عسكرية في العمق السعودي، لأن الألم كبير والجرح عميق والإجرام الذي مورس والتجويع والحصار ليس له مثيل في تاريخ المواجهات العسكرية .
وبالتالي ستكون المعركة كبيرة وعلى مستوى واسع، والعمليات العسكرية التي سوف  تتخذ من نوع آخر، لأن اليمن لم يعد يهمه ما يخسره بعد كل هذا الإسفاف والاستكبار والاستقواء والاستجرار للخارج على حساب الأرض والإنسان  اليمني والأمن القومي العربي.
وبالتالي نتمنى من السعودية والإمارات ألا تتدخلا في الشؤون الداخلية اليمنية مرة أخرى، وعندها لن نقوم بتوجيه أي ضربات عسكرية في نطاق سيادتهما الجغرافية، وليتركوا الأمريكي والصهيوني يواجهنا، وإن كان الأمريكي والصهيوني لايزال يملي عليهما رسم مسارهما السياسي والعسكري فلتتحملا كل تبعات تلك الإملاءات .
ونصيحتي للنظامين السعودي والإماراتي ألا يثقا بكل أنواع الأسلحة والمنظومات الأمريكية والصهيونية؛ لأن من لا ينفع نفسه من صواريخ المقاومة الفلسطينية التي هي أقل كفاءة وتأثيراً مما نملكه من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة لن ينفع أعداءه من العرب، أقصد أن العدو الصهيوني لايزال يصنفهم أعداء حتى وإن زج بهم في معارك في اليمن والعراق وسورية وغيرها.

وعليـــــــــــه:
أنصِتوا إلى خطاب قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، لما فيه من علم وحلم وصبر وتجاوز وتفويت الفرص التي يريدها الأعداء لكي تضر بالإقليم وبالأمة العربية والإسلامية، ولا تتجاهلوا نصائح الربانيين، لكي تحافظوا على بعض أواصر القربى والمودة في العروبة والدين والجغرافيا والتاريخ المشترك؛ لأن كيان العدو الصهيوني زائل لا محالة، بوعد رباني باتّ جاء في محكم كتابه الكريم (بسم الله الرحمن الرحيم: فإذا جاء وعد الآخرة ليسوء  وجهوكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا).
وإذا لم تنصتوا لنصيحتي، ولهذا الخطاب، أنصِتوا إلى تصريح أحد الصهاينة أدلى به قبل سنوات في صحيفة "هآرتز" الصهيونية، ونصه:
"إن إقدام أنصار الله على استهداف أماكن حيوية في الإمارات يقلق إسرائيل، خصوصاً أن من يوجه ضربة للأذن اليُمنى هو قادر أن يوجه ضربة بالطيران والصواريخ الباليستية إلى الأذن اليسرى، وخصوصاً أن المسافة إلى ميناء إيلات من اليمن تقدر بـ1500 كيلومتر، ولن يتردد أنصار الله في توجيه ضربة، خاصة أن زعيم  أنصار الله قد وجه تهديدات واضحة لإسرائيل، ومعنى ذلك وجود تهديد حقيقي من اليمن، أي أن أيدي أنصار الله ماسكة على الزناد ولا يخشون أي أدوات ضغط دولية".
"ولا يخشون أي أدوات ضغط دولية"، افهموها!
والكرة الآن في ملعب السعودية والإمارات، وعليهم أن يختاروا ما هو في مصلحتهم، لأنهم لايزالون في المرمى.

أترك تعليقاً

التعليقات