معجزة يمنية
 

عبدالرحمن العابد

عبدالرحمن العابد / لا ميديا -
تخيلوا مفارقة القدر: جيش عريق، كالجيش العربي السوري، كان يُعدّ من أقوى الجيوش العربية تنظيماً وتسليحاً، يجد نفسه في فترة وجيزة يتراجع بسرعة مذهلة، ويذوب خلال أيام، حتى تمكنت قوات «جبهة النصرة» من الدخول إلى دمشق!
في المقابل، لننظر إلى حالة قواتنا المسلحة في اليمن... كيف كانت؟! جيشاً منهكاً، تمزقه الولاءات الشخصية والقبلية: «هذا تبع علي صالح، وذاك تبع علي محسن»، وحتى أقوى ألويته تحسب لأشخاص؛ «فهذا لواء القشيبي، وذلك لواء الشدادي» مثلاً.
ثم جاءت أحداث 2011 ليتم هيكلته وإضعافه أكثر.
حتى جاءت ثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014، تلاها عدوان ضارٍ على بلدنا في العام 2015، ليصبح مشهدنا العسكري اليمني في أضعف حالاته.
لكن المعجزة تحققت هنا؛ فمن قلب هذا العبث، ومن أحلك الظروف، شهدنا ولادة جيش يمني جديد؛ جيش بُني بإرادة حديدية وإيمان راسخ، ليكون الأقوى في تاريخ اليمن الطويل؛ جيشاً تحوّل من الدفاع إلى الهجوم خلال العدوان على بلدنا، وبعد ذلك تمكن من تحرير مساحات شاسعة من الأرض بمعارك خاطفة كالتي جرت في محور نجران، وتحرير الأرض من نهم إلى مأرب والجوف خلال فترة بسيطة لم تتجاوز عدة أسابيع.
وتسارعت وتيرة الإنجاز: سيادة كاملة على البحر الأحمر، الذي طالما شعرنا أننا غرباء عنه طوال الفترة السابقة، التي يصفها البعض بـ»أيام ما كنا دولة»، بينما الحقيقة أنها كانت ضياعاً للسيادة.
ثم المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، أقوى دولة في العالم عسكرياً، خلال العام الأخير من حكم «بايدن»، وتوقفت الحرب قبل دخول ترامب البيت الأبيض بأيام قليلة.
وعاد العدوان الأمريكي في فترة «ترامب»، وتم تبادل الضربات بين قواتنا المسلحة وحاملات الطائرات الأمريكية، واضطر ترامب لإعلان إيقاف الحرب بعد أن أرسل إلى سلطنة عُمان للتوسط، وغادرت حاملات طائراته مثخنة بالجراح، في مشهد لم يألفه العالم من قبل.
استمرت قواتنا المسلحة في توجيه ضرباتها الاستراتيجية ضد الكيان الصهيوني حتى الأيام الأخيرة التي سبقت عقد «قمة شرم الشيخ»، محققاً ما لم تحققه جيوش عربية عديدة.
وكانت لقواتنا المسلحة الضربة الأخيرة ضد الكيان، وهو أمر على غير العادة، إذ يحرص العدو أن تكون له الضربة الأخيرة في جميع الحروب السابقة التي خاضها.
هذه قصة بناء أقوى جيش وطني بصورة لا تُصدّق، سردتها باختصار؛ لكنها تبقى شاهداً على أعظم إنجاز عسكري في تاريخ اليمن الحديث؛ إنجاز يستحق من يحكي للعالم قصته، ويسردها بصورة تليق بعظمتها.
الخلاصة: المعجزة اليمنية: جيش ولد من رحم الضعف والهيكلة ليواجه أقوى جيوش العالم.

أترك تعليقاً

التعليقات