تخوم جائحة الوباء الوهابي في اليمن
 

ذو الفقار يوسف

ذو الفقار يوسف / لا ميديا -

ساذج أو مدلس ذلك الذي يعتقد أن ورم الوهابية الخبيث كان وقفاً في اليمن على مقررات المعاهد العلمية، أو على وسط شافعي دون زيدي، أو على الإخوانجية والسلفية دون اليسار والقوميين، أو على ذوي اللحى والعمائم دوناً عن الحليقين وذوي الكرافتات... الحقيقة أن وباء الوهابية قد ضرب اليمن باكراً وتخلقت له فيها حواضن فكرية. ففي النصف الأول من القرن التاسع عاشر تمظهر في صورة الوهابية الشوكانية، ثم في العقدين الثالث والرابع من القرن العشرين وصولاً إلى الثمانينيات في صورة الوهابية الإخوانية والوهابية الجمهورية بتلويناتها الاجتماعية الجهوية الحاشدية والبكيلية والسياسية الحزبية الناصرية والبعثية والاشتراكية والليبرالية. وقد عكست كل تلك السطوة نفسها على جل أدبيات الدولة الجمهورية في كل المناحي، لاسيما التربوية والتعليمية والإعلامية تحت قبة من الوصاية الحديدية للمملكة السعودية كوكيل للغرب الاستعماري على اليمن.
أكثر من ذلك فإن البعثات المصرية الخطبائية والتعليمية إلى بلادنا، سواء في عهد عبدالناصر أو السادات ومبارك، كانت رافعة رئيسة لتفشي وانتشار الوباء الوهابي على مساحة واسعة من المجتمع اليمني. ونهضت الدراما المصرية التاريخية التي هيمنت على الشاشة الصغيرة في اليمن بالدور ذاته، فوسعت نطاق انتشار الوباء وعمقت أثره في اللاوعي الجمعي النفسي والاجتماعي للمتعلمين والأميين على السواء.
إن أغرب الغريب أن تجد في أوساط ما يسمى نخبة مثقفة كثيرين ممن يحاولون اعتساف هذه الحقائق المنظورة للعيان تأسيساً على فرضية فنتازية قوامها أن ثمة شريحة اجتماعية أو مؤسسة رسمية يمكن أن تكون أنجى من شريحة أو مؤسسة أخرى في المجتمع الواقع تحت ذات سلطة الوصاية في حساب تفشي الوباء الوهابي. لقد كان لهذه السلطة حواملها وروافعها الرسمية وغير الرسمية التي تتباين وتتعدد في الواجهة، لكنها تحمل مضموناً واحداً هو تكريس التبعية للهيمنة الغربية بوكيلها الوهابي، وقصف عقول الناشئية بخرافاتها من كتاب "توحيد" الزنداني إلى "رهينة دماج" و"بحوث عبدالعزيز المقالح"، تجاوزاً إلى المقررات العلمية كالفيزياء والأحياء والدراما التلفزيونية كمسلسلات "ابن الوليد وابن العاص وابن حنبل وابن تيمية"...

أترك تعليقاً

التعليقات