جنت على نفسها براقش
 

أحمد عارف الكمالي

أحمد الكمالي / لا ميديا -

ما إن أعلن التحالف عدوانه على اليمن، حتى كان حزب الإصلاح أول المباركين والداعمين والمهللين والمسبحين بحمد التحالف "المنقذ" كما كان يسميه!
الإصلاح، الذي تربطه علاقات قديمة من التبعية مع السعودية، لم يكتف بالترحيب بحرب التحالف فقط، بل عدها فرصة لا تعوض، وهدية لا ترد، وموسماً ذهبياً للغناء والاسترزاق وعودة النفوذ والتمكين والهيمنة على المشهد السياسي والاجتماعي باليمن، وخيل إليه بأنه الطرف الوحيد القادر على جني ثمار الحرب بأقل الخسائر الممكنة!
فمن أول يوم للعدوان غاب عن الإصلاح، كما غاب عن أسياده، حقائق التاريخ اليمني وثقافة وعراقة شعبه، التي قاتلت عدوانهم وجبروتهم، فلم يتوقعوا بأنهم سيهزمون أو سيفشلون أو حتى سيتأخرون عن قطف ثمار النصر.
لذلك، مثل حزب الإصلاح رأس حربة للتحالف بعدوانه على اليمن، فالإصلاح هو من فتح الجبهات واستقبل السلاح واستلم الأموال، وروج الشائعات وجند المرتزقة وساق المغررين، وشكل شبكات التجسس والاختراق، ونظم عملية شراء الذمم والولاءات.
وأكثر من هذا كله، قدم الإصلاح، ومن يدور في فلكه، الصراع بأثواب طائفية ومناطقية وعنصرية ليحققوا للتحالف هدفه في ضرب النسيج الاجتماعي اليمني والوحدة الوطنية.
الرصيد طويل لا يمكن حصره، فمن المباركة إلى المشاركة إلى تهجير الخصوم والتنكيل بهم إلى تبرير جرائم العدوان إلى التغزل بالملوك المجرمين وشكرهم، إلى الصمت عن مخططاتهم، إلى مباركته نقل البنك، إلى الذل الذي وصل إليه اليوم!
فبعد خمسة أعوام من العدوان، خلع فيها الإصلاح ثوبه ونفى انتماءه لجماعة الإخوان ترضية للإمارات. لم ترض عنه الإمارات فسجنت كوادره في الجنوب ومارست فيهم الجرائم الخارجة عن الدين والأخلاق. ومع هذا كان موقف الإصلاح الصمت، بل كانت بياناته الرسمية هجوماً على المتشككين ومن يحاولون تخريب علاقتهم الحميمة مع التحالف، وبالأخص مع "إمارات الخير" كما طاب للإصلاحين تسميتها في السابق.
بالمقابل، لم تكتف "إمارات الخير" بذلك، بل دعمت مرتزقتها في الجنوب وسيطرت على معظم مناطقه وأبرزها عدن وأخرجت القوات الموالية للإصلاح في مسرحية تسليم مهينه ومذله.
سلمت عدن ورحلت ما يسمى بالشرعية. ومع هذا لم نر الإصلاح يحشد طاقاته للمقاومة واستعادتها كما حشد ضد صنعاء، بل لم نر منهم بياناً رسمياً باسم الحزب يدين ما حدث أو يحمل السعودية وزر ذلك، وأكثر من ذلك مازلنا نشاهد مسؤوليه وناشطيه يأملون ويعولون على تدخل السعودية بغباء فاضح وحيلة مقيدة. 
صحيح بأن الارتماء في أحضان العاصفة مكن الإصلاح من الأموال الطائلة والمناصب والنفوذ والسلاح؛ إلا أنه بالمقابل سلب منهم الكرامة، الكرامة التي يبدو ضياعها في عجزهم وسقوطهم الأخلاقي والنفسي، الكرامة التي يجهلونها ولن يجدوها أو يعوضوها بالأرصدة.
بالأخير: لم يكن أحد يتمنى للإصلاح مثل هذا المصير، ولا نتمناه لغيرهم، ولكنهم جنوا على أنفسهم بأنفسهم. وكم يصدق عليهم المثل "جنت على نفسها براقش".

أترك تعليقاً

التعليقات