أحمد عارف الكمالي

أحمد عارف / لا ميديا -

لا أبالغ في القول بأن موقف تأييد التجمع اليمني للإصلاح لتحالف العدوان السعودي على اليمن لم يكن بذلك الموقف الغريب عن الإصلاح أو غير المتوقع منه، فالحزب تربطه علاقة عميقة وجذرية وتاريخية مع المملكة السعودية ولديه رصيد حافل من المواقف الانتهازية في كل قضايا الوطن، الحزب الذي اعتبر رئيسه الأسبق الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ثلث خريطة اليمن الطبيعية (جيزان ونجران وعسير) حفنة تراب لا أهمية لها ولا ثمن ولا ضرر بضمها وتمليكها للسعودية، من الطبيعي أن يرى رئيسه الحالي، محمد اليدومي ،عدوان السعودية على اليمن تشجيراً للحفنة المتبقية من التراب!
ومن جهة أخرى كان الإصلاح قبل انطلاق العدوان يعتبر الحوثيين الخصم الأيديولوجي والحركي الأكبر الذي أفقده نفوذه بالدولة والمجتمع، لذلك أتت "عاصفة الحزم" بالنسبة له الهدية الذهبية للقضاء على هذا الخصم واستعادة النفوذ والتمكين!
وعليه، حشد الإصلاح أتباعه وأنصاره كجنود للتحالف في كل محافظة وكل ميدان ومؤسسة وبكل جبهة اجتماعية وسياسية وإعلامية.. ومثلت محافظة تعز ورقة رابحة بيد الإصلاح نتيجة لوجود الحاضنة الكبيرة نوعاً ما له فيها، استغلها الإصلاح مع شركائه بالارتزاق والمشترك في تسعير حرب ضد الجيش واللجان الشعبية بشعارات ولافتات مناطقية وطائفية بغيضة، وخرج فيها رافعاً تهليلات الحمد والشكر للمملكة وتسبيحات "شكراً سلمان" في أول أيام العاصفة!
واليوم بعد مرور أربعة أعوام من العدوان الذي استهدف المدنيين والأطفال والنساء في منازلهم، وقصف المؤسسات والمصالح العامة والخاصة والطرق والمصانع والمزارع والحقول وأهلك الحرث والنسل لم يتغير موقف الإصلاح من الحرب... دعونا من هذا كله، فالأب الروحي للإخوان الشيخ عبدالله صعتر لا يفرق عنده بأن يموت 24 مليوناً ويبقى مليون مواطن حسب تزكيته! لذلك لا مبرر منطقياً بأن يغير الإصلاح موقفه من الحرب نتيجة لقتل بعض المدنيين الذين لا يبدو من الإحصائيات أن عددهم سيصل إلى المليون ولو استمرت الحرب عدة عقود!
وبرغم أنه بعد أربعة أعوام من الفشل والتخبط لقوى العدوان ومنيهم بالخسائر الفادحة التي كانت كفيلة بأن يغير الحزب رؤيته للحرب... ولكن حتى هذا السبب لا يبدو مقنعاً لتغيير المواقف طالما أن الدوافع مازالت موجودة، خصوصاً لو أخذنا بالاعتبار أن طبيعة الحرب سجال!
والدماء التي تنزف فيها ليس كلها إخوان، فهي خليط من الجنجويد والبلاك ووتر والسعوديين والإماراتيين والانفصاليين والعفاشيين وكل ما هب ودب بالإضافة إلى المغرر بهم!
بالعكس، فمن الوهلة الأولى سيكتشف أي مراقب أن الإصلاح أكثر الأطراف التي استثمرت الحرب مادياً، سواء بالمال أو السلاح أو النفوذ والسيطرة على بعض المناطق، فلماذا يغير موقفه ويخسر ما تحت يديه من الغنائم؟!
ولكن بعد 4 أعوام من الإهانات التي تلقاها الإصلاح من تحالف السعودية والإمارات والتي لم يكن أولها اضطراره إعلان خلع قميص الإخوان لكسب رضا الإمارات والسعودية، ولن يكون آخرها اغتيال وسجن واغتصاب ناشطيه وقياداته من قبل جنود الإمارات نفسها في عدن والجنوب بشكل عام...
بعد 4 أعوام فقد خلالها الإصلاح كل رصيد أخلاقي وقيمي واهتزت صورته أمام الشعب وأمام نفسه، يخرج بكل هوان وبكل وقاحة ليجدد بطاقة العهر ويرفع صور الرجز ويهتف بالشكر لآل + وآل سلمان!
وأين؟!
 في المدينة التي أثقلت حرب الإصلاح كاهلها بعشرات المليشيات التي استباحت أمنها وبددت سكونها وحولت شوارعها إلى ميادين للقتل والاغتيالات المتواصلة وحاراتها إلى حانات للاغتصابات وممارسة الجرائم والسرقات والرذائل!
في المدينة التي شهدت أربعة أعوام من الخوف والقلق والتدمير والانتهاكات والأحداث الدامية، التي كانت أحداث الأسبوع الماضي في المدينة القديمة بين جماعة أبوالعباس المدعومة إماراتياً أثناء المعركة وحزب الإصلاح الرافع لعلم الإمارات في حفلى انتصار المعركة آخرها وأكثرها فظاعة!
فلم يعد الأمر يتعلق بالوطن الذي يراه الشيخ الأحمر حفنة تراب، ولا بالإنسان الذي لا يمانع صعتر بقتل الملايين منه، ولا بالمنشآت والبنية التحتية والخدمات، ولا بجزيرة سقطرى وشجرة دم الأخويين وأبوالعباس والحوثيين... بل أصبحت أعراضهم وحرماتهم وكرامتهم على المحك!
تستدعي منهم موقفاً إذا لم يكن مشرفاً فلا يجب أن يحمل إضافة متراكمة للخزي والهوان!
كان الأفضل لهم إذا لم يرفعوا أسلحتهم في وجه الإماراتيين أن لا يرفعوا ثيابهم وهم مباركين!
وإذا لم يستطيعوا تسجيل موقف مشرف ولو بالسماح ومساعدة غيرهم بقتال التحالف كأقل واجب، كان الأجدر بهم أن يخرسوا ويدفنوا رؤوسهم بالرمال، لا أن يخرجوا بقطيع من المغفلين يحملون لوحات "شكراً آل + شكراً سلمان"!
أي ذل وأي مسكنة ضربت عليهم؟! اللهم لا شماتة!

أترك تعليقاً

التعليقات