وهم القوة
 

أحمد عارف الكمالي

أحمد الكمالي / لا ميديا -

منذ انطلاق العدوان والمرتزقة يردون على أي دعوة للسلام أو خطاب للم الشمل بالتهديد والوعيد والزجر والزجير والغرور والعناد، بالمفاوضات. عندما قدم الوفد الوطني رؤيته لإنهاء الحرب بتشكيل حكومة وحدة وطنية بحل سياسي وأمني في الوقت نفسه يضمن تسليم السلاح من الجانبين وتطبيع الأوضاع، كان ردهم الاستغبائي الدائم أن سلِّموا السلاح وانسحبوا للمدرعات السعودية وافتحوا لها مدنكم وقراكم، ثم سيتحدث معكم شلة هادي عن أي اتفاق لاحق!
وإلَّا فطائرات التحالف فوق رؤوسكم، ستقتلكم في كل مكان وبأي وقت، وقريباً ما سنصل على دبابات التحالف إلى صنعاء وندوس فوق جثثكم، وسيحتل السعودي كل مدينة وقرية رغم أنوفكم، ويكسر بقدراته إرادتكم، ويدوس بقوته على كرامتكم، ويشتري بماله ضمائركم وشرفكم!
نعم، هكذا كان خطابهم مشحونا بالكره والبغض والتعصب وإثارة النعرات والتهديد، ولم يكن مجرد شعارات فقط، فكم مارسوا من أعمال دنيئة، من سحل وقتل وتطهير عرقي وتحريض مناطقي وطائفي، غير مبالين بما ستخلفه أعمالهم على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي في الحاضر والمستقبل.
واللافت أن الكثير منهم لم يكن الدافع الأساسي لتحركه قضية أو حتى خلاف مع "الحوثيين" فقط، وإنما كان دافعهم ومحركهم للمسارعة بالوقوف في موقف الخيانة والعمالة والارتزاق هو "وهم القوة" الذي سيطر على نزواتهم وأفكارهم وترجم خطاباتهم وأعمى بصائرهم، لذلك توجهوا إلى السعودية واثقين بأن مالها وسلاحها وبطشها وتجبرها سيضعهم في خانة المنتصرين بأقرب وقت وأقرب فرصة ممكنة.
وكلما كان تساقط السلاح والمال يزداد عليهم من السعودية، كانوا يزدادون مباركة لتساقط القنابل والصواريخ فوق رؤوس المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، بدون أي خجل أو نخوة أو شرف.
لكن اليوم وبعد 5 أعوام من الحرب التي يعرفون أنهم لم يكونوا فيها سوى يافطة وأدوات، وباتوا يتلقون الإهانات تلو الإهانات على يد تحالف أسيادهم، منها ما خرج للعلن ومنها ما تكبته نفوسهم المهانة، وبات العالم بأكمله يشهد على فشل أسيادهم بالحرب، وأصبح السعودي يطالب بضمانات حماية مطاراته ومدنه من الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة، وقنط الأمريكي من نجاح مشروعه باليمن وصار أكثر اهتماما بحماية حلفائه من الخطر، وانسحب الإماراتي ليواري سوأته ويحافظ على زجاجه من التهشيم.
بعد هذا كله، وبعد 5 أعوام من صمود شعبنا ومكابدته للجراح وصبره المستمر على الشدائد، لا يُقال لهم إلَّا: عودوا إلى حضن الوطن! نعم، الوطن الذي خانوه وقاتل من أجل مستقبل أولادهم في حياة كريمة وشريفة وفي دولة مستقلة ومقتدرة.
الوطن الذي استرخصوه في بلاط ملوك النفط والدعارة، فهز البلاط وأربابه بصواريخه الموجهة وطائراته المسيَّرة.
برأيي لا يوجد دعوة أكرم من هذه الدعوة، ولا خطاب أصدق من هذا الخطاب، ولا مشروع أشمل من هذا المشروع. ونصيحتي لهم أن "عودوا إلى حضن الوطن سريعاً، فالوقت لم يعد وقت العنتريات"!
عودوا إلى حضن الوطن...!

أترك تعليقاً

التعليقات