عالم مسخ
 

أحمد عارف الكمالي

 أحمد الكمالي / لا ميديا -

هكذا باليمن، ومن أول يوم للعدوان، نُقتل في الميادين والأسواق والمدارس والجامعات وصالات العزاء والشوارع والمدن...، بكل دمٍ بارد، لا ندري بعد أية وجبة عشاء سيسقط السطح الذي ننام تحته، ولا بعد أية حصة دراسية بالضبط سيضطر الطلاب لكتابة واجباتهم في الآخرة، أفراحنا تتحول إلى أتراح بظرف لحظة، وإلى مقابر جماعية في نشوة عنجهية، نعود من التسوق مرتدين كفن الموت!
وهكذا سيستمر الوضع، طالما من يقتلنا يضخ النفط، ويمتلك الدولار، ويدور في فلك الأمركة، فلا غرابة أننا نموت في ظل وحشة من الصمت والمباركة الدولية، فقبلنا قتل وهـجـر الكثير من الشعوب التي كفرت بالهيمنة والاحتلال، وإن لم تكن بنفس الضراوة!
مجزرة سعوان التي ارتكبها طيران العدوان بكل وحشية ودموية، لا أراهن أنها ستحرّك العالم لوقف الحرب على شعبنا، لأنه لو كان سيتحرك بالأصل، لكان يكفيه المجازر السابقة ليرفع صوته في وجه السعودية بــ«لا لاستمرار الحرب العبثية والظالمة»!
لو كانت الأمم المتحدة تنظر إلى دمائنا وأرواحنا من منظور حقوق الإنسان بأن النفس البشرية مصانة يجب حمايتها، لكان يكفيها مجزرة الصالة الكبرى فقط لتتحرك بجدية لوقف الحرب، لكنها لم تكلف نفسها الضغط للسماح بإسعاف الضحايا، فأرواحنا بالنسبة لها ببساطة هي ثمن الأوراق التي تكتب عليها بيانات القلق في كل مشاكل العالم، ضاحكة بها على الشعوب المستضعفة!
كان يكفي منظمات حقوق الطفل رحلة أطفال ضحيان التي أُلغيت بضغطة زر من قبل طيار المملكة، كان يكفيها ذلك كي تدق ناقوس الخطر على الطفولة، لكنها بالمقابل لاذت بالصمت، حتى لا تنقطع عنها الرحلات وبدلات المؤتمرات ومصاريف ندوات التثقيف والأنشطة!
كان يكفي العرب والمسلمين الصامتين والخاضعين للسعودية بأن يُحرك نخوتهم وعزتهم حذاء الطالبة إشراق الذي بقي ليؤرخ لهم بنفسه تاريخ انحطاطهم ونذالتهم.
كان يكفي الإنسانية برمتها تنهدات الطفل سميح لتدوي في أعماقها صيحات قرب القيامة!
لكن لا أعماق ولا صيحات يمكن أن تدوي في جسد الرأسمالية المتوحشة التي تمتد مترهلة لتحكم عالمنا اليوم، لأنها لا تحس إلا بالنار، ولا تسمع سوى صفقات، ولا ترى غير أرصدة.
إن عالماً مسخاً مثل هذا، لجدير بنا كيمنيين أن نُجاهر بالكفر به، ونُصرّ على مقاومته، مهما كانت ضراوة وقساوة التضحية.

أترك تعليقاً

التعليقات