نصيحة للسعودية بعد ما أذلتها الإمارات
 

محمد الفرح

محمد الفرح / لا ميديا -
نصيحتي للسعودية، إن كان بقي لديهم ذرة عقل أو استعداد لسماع الحقيقة، أن تهتم حكومتهم بالتنمية الفعلية لا الوهمية ومشاريع الخيال، وبالرياضة، وبالمواطن السعودي نفسه، وأن تمنحه شيئاً من الحرية، وأن تحسّن أوضاعه بدل تلميعه إعلامياً وأن تنفتح على الشراكة مع قبائلها وشعبها.
أما الاستمرار في ادعاء القوة ولعبة الحروب، فعليهم أن يكفّوا عنها؛ لأن الواقع أثبت أنهم فاشلون فيها فشلاً مطلقاً.
والله العظيم، لا يملكون من أدوات السياسة إلا المال، يدفعونه بلا حساب، ودون عقل وتخطيط، وبلا نتائج.
فشلوا فشلاً ذريعاً في قضية اغتيال خاشقجي، حتى أصبحت فضيحة عالمية يعرفها القاصي والداني، وتحولت لقضية ابتزاز.
ودخلوا حرب اليمن بلا استراتيجية، وبلا أهداف، وبلا حجة أو مبرر، وبلا تصور للخروج، فتاهوا فيها، وغرقوا، ولا يزالون إلى اليوم لا يعرفون ماذا يفعلون، ولا ماذا يريدون، ولا لماذا استمروا.
واليوم تصل إلى قاع الإهانة السياسية؛ إذ نرى الإمارات تمرّغ أنف السعودية في التراب في أكثر من ساحة، مع أن الإمارات لم تكن في يوم من الأيام إلا تابعاً أو معاوناً بسيطاً، أو كما نقول «متجمّلة» مع السعودية. فإذا بالسعودية اليوم عاجزة أمامها تماماً، عجز دولة فقدت وزنها وهيبتها. وهذه ليست مقارنة عابرة، بل شهادة فشل تاريخية.
أما الجيش السعودي فالمسألة أوضح من أن يُجادل فيها. رغم المليارات، ورغم السلاح، ورغم الاستعراضات، فهو جيش بلا عقيدة، بلا قرار، وبلا استقلال. وفعلياً هو أضعف جيش في المنطقة، هو الذي لا يستطيع التحرك دون إذن أمريكي.
دولة بهذا الحجم، وبهذه الثروة، لا تزال تحتاج إلى حماية أمريكية واتفاقيات أمنية لتبقى قائمة. هذا ليس ضعفاً فقط، بل إفلاس استراتيجي كامل.
ولو أن دولة أخرى امتلكت هذه الأموال، وهذه الموارد، وهذا الموقع، واتجهت بها نحو الصناعة، والإنتاج، وبناء الإنسان، والسيادة الحقيقية، لكانت اليوم تنافس اليابان والصين والدول الصناعية الكبرى. لكن السعودية اختارت أن تحرق أموالها في مستنقعات اليمن والسودان ولبنان وحتى غزة، وأن تسخّر ثرواتها في ظلم المستضعفين والمساكين، لا في بنائهم ولا في نصرتهم.
هذه نصيحة ولو أنها قاسية: كفّوا عن العبث وإهدار الأموال، واهتموا بحجاج بيت الله الحرام، اهتموا بالجوانب الخيرية والإنسانية، فهذه المجالات الوحيدة التي كان يمكن أن تنجحوا فيها بحكم موقعكم ومكانتكم.
أما السياسة الإقليمية والحروب فقد جربتموها مرة بعد مرة، وفشلتم فيها في كل مرة بلا استثناء. ومن يفشل في كل ما يجرّبه، عليه أن يتوقف لا أن يُصرّ.
فبعد كل هذا: فشل سياسي، فشل عسكري، فشل أخلاقي، فشل في إدارة المال، وفشل في قراءة الواقع؛ هل تتوقعون توفيقاً؟!
لا، ولن يكون.
من يصرّ على الخطأ والظلم، لا يحصد إلا الهزيمة. هذه ليست شتيمة، ولا خصومة شخصية، بل حكم واقع.
والخلاصة واضحة: السعودية فشلت في كل المسارات التي اختارتها، ولو جرّبت مسارات أخرى، لربما كان لها نصيب من النجاح.

أترك تعليقاً

التعليقات