البادئ أظلم
 

رشيد الحداد

رشيد الحداد / لا ميديا -
تدرك أمريكا وبريطانيا أن حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والحصار المطبق الذي تفرضه على مئات الآلاف من الفلسطينيين العُزَّل في القطاع أصبحت مثار سخط دولي، وأن تداعيات هذه الجرائم وصل إلى مختلف دول العالم، منها أمريكا وبريطانيا وغيرهما من الدول التي ساندت قتل المدنيين والتنكيل بهم على مدى أكثر من 90 يوماً.
لذلك وقف التداعيات في المنطقة والعالم يفرض على الدول المشاركة في ارتكاب هذه الجرائم النازية وقف الحرب ورفع الحصار وتقديم الإغاثة اللازمة من مساعدات غذائية ودواء ووقود ومياه صالحة للشرب؛ كون ما ترتكبه دولة الكيان الغاصب يهدد الأمن والسلم الدوليين بكل ما للكلمة من معنى، ويهدد مصالح الدول الشريكة والداعمة للكيان الصهيوني في المنطقة والعالم، وليس التصعيد العسكري ضد الشعوب التي اتخذت مواقف مناهضة لتلك الجرائم التي انتهكت كافة القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
وبقدر ما وقف الرأي العام الأمريكي والبريطاني ضد الكيان، وحاول عشرات الآلاف من المحتجين في أمريكا منع تحرك سفن تحمل دعما عسكريا للكيان من الموانئ الأمريكية ووصلت أصداء موقفهم الاحتجاجي الرافض للجرائم الصهيونية إلى مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، واتخذ الشعب البريطاني مواقف تضامنية مع ما يحدث في قطاع غزة ومناهضة للكيان في شوارع لندن، خرج الشعب اليمني واتخذ موقفاً في مناصرة الشعب الفلسطيني وأيد أي عمل عسكري يساهم في الضغط على الكيان لوقف هيستريا الإجرام ضد شعب أعزل.
ولذلك فإن التهديد بشن هجمات في بلد لايزال في حالة حرب ولم يوهن عزمه، نحو 280 ألف غارة جميعها من بريطانيا وأمريكا وألمانيا ودول أخرى خلال السنوات الماضية، لم تعد أداة ردع، بقدر ما ستتحول أي حماقة أمريكية وبريطانية إلى حجة لرفع سقف الحصار على الكيان الصهيوني في البحر الأحمر وباب المندب، وفرض إجراءات ضد سفن الدول المشاركة في أي اعتداء على هذا البلد.
وهذا مؤكد، وستسهم الجغرافيا في منح اليمنيين هامشا واسعا لفرض مثل هذه الإجراءات.
والخيار أمام قوى البغي والاستكبار لايزال متاحاً، فوقف التوتر في البحر الأحمر ومضيق باب المندب مرهون بوقف الحرب ورفع الحصار عن قطاع غزة، أو الدخول في معركة ردع واستنزاف لا حدود لها، فالشعب اليمني موقفه ثابت من القضية الفلسطينية ولا يساوم بها ولا يقبل أي تسويات بشأنها وسوف يقاتل في أي معركة لها ارتباط بالقضية الفلسطينية دون كلل أو ملل أو تراجع أو تخاذل، حتى النصر.
فإذا كان اليوم ارتقى منه عشرة شهداء أثناء عملية هجومية، فإن موقفه سيبقى الهجوم، كون موقفه ذا طابع إنساني أخلاقي ديني أخوي قومي، وهدفه من هذا الموقف المؤثر والموجع على اقتصاد الكيان هو الضغط على هذا الكيان لوقف الحرب والحصار على شعب يتعرض لأبشع جريمة في التاريخ.
وفي حال التصعيد في البحر الأحمر سيتحول الهدف إلى انتقامي، ولن تستطيع أمريكا وحلفاؤها في تحالف (حماية الملاحة الصهيونية) الصمود أمام سياسة النفس الطويل، فالنفقات اليومية للبوارج والمدمرات الأجنبية في اليوم الواحد ملايين الدولارات، وبقاؤها سيكون غير آمن في ظل امتلاك صنعاء أسلحة ردع استراتيجية.
إن العمليات القادمة التي ستنفذها قوات صنعاء ضد السفن الصهيونية سوف تتجاوز التحذير الناري بواسطة الطائرات المسيّرة أو الصواريخ البحرية إلى الهجمات المباشرة، ولن تستطيع بوارج أمريكا وبريطانيا وغيرهما من حماة الصهيونية وقف تلك الهجمات؛ لأن مفتاح الحل إنساني ومتاح، وهو وقف الحرب ورفع الحصار في غزة.
والأيام القادمة مليئة بالمفاجآت.. والبادئ أظلم!

أترك تعليقاً

التعليقات