منافقو العصر
 

علي القرشي

علي القرشي / لا ميديا -
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من أكثر الأشياء التي يستمتع بها جميع المسلمين في أنحاء العالم، فذكرى المولد النبوي الشريف هي ذكرى ومناسبة عظيمة، ومع اقتراب شهر ربيع الأول يبدأ اليمنيون الاستعداد للاحتفال وإقامة حلقات الذكر، والبدء في تحضير القصائد الشعرية وتزيين الشوارع والمساجد للتعبير عن مدى الفرحة بمولد النبي الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
عندما تنظر إلى حال الأمة التي تفرقت شيعا وأحزابا، وإلى الدين الذي عاد غريبا، وإلى القرآن الذي صار مهجورا، وإلى سعي العباد وراء دنيا فانية مقابل ترك جنة خالدة قطوفها دانية، ستعرف لماذا بكى المؤمنون عندما قال الرسول الكريم: «لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا».
وعلى هذه العبارة التي صنفت بأنها أعظم ما قيل في الفراق والوداع، ردت السيدة فاطمة عليها السلام بأعظم ما قيل في المصائب والابتلاء: «إنا فقدناك فقد الأرض وإبلها».
إن الجهل سينتهي عندما يقدم كل شيء على حقيقته. أستسمحك عذرا يا رسول الله، فأنا أقول إن الجهل سينتهي عندما تستفيق العقول من سباتها، وعندما تتخلص العقول من ذاك الجدار السميك الذي يحيط بها.
أجل يا رسول الله، لأن الجهل لم ينتهِ بوجود الحقيقة ولن ينتهي، لأنهم لا يحبون الحقيقة، بل يحبون أن يكونوا عميا صما بكما لا يتبعون إلا أهواءهم ولا ينطقون إلا بجهلهم. أجل أيها الرسول الأعظم، مازالوا ينظرون إلى الحقيقة ويديرون ظهورهم لها ويسيرون للباطل. مازالوا كارهين لصوت الحق. مازالوا مغيبين عن الواقع. مازالوا تائهين في غبائهم.
وهل بعد هذه الحقيقة حقيقة أيها التافهون؟! ها أنتم تعيشونها بكل تفاصيلها ساعة بساعة ولحظة بلحظة، وما زلتم تنكرونها، وما زلتم تغمضون أعينكم عنها ظناً منكم أنها ستختفي وتغيب.
لا بد للعقل أن يستفيق من السبات ويحطم الجدار ليرى الحقيقة؛ عندها سينتهي الجهل.
في يثرب، كان المنافقون يتحدثون عن الاستقرار والرخاء الذي كانت تعيشه يثرِب قبل قدوم النبي والمؤمنين إليها، وكانوا يعتبرون الإسلام سبباً لدخول يثرِب في حروب وصراعات مع جيرانها ومع بقية العرب، ويتمنون عودة سنوات ما قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليها...!
لذلك لا تستغربوا من منافقي هذا العصر، الذين يروجون لفكرة أن ثورة 21 أيلول/ سبتمبر على الطغاة واللصوص والمفسدين هي سبب البلاء والحرب، لكي يصرفوا أنظاركم عن حقيقة أن رغبة الطغاة والمستبدين في الانتقام من الشعوب التي ثارت عليهم هي سبب كل ذلك.

أترك تعليقاً

التعليقات