القرف مكرر!
 

رشيد البروي

رشيد البروي / لا ميديا -
لم يعد باستطاعتي بناء علاقة مع أي شخص مهما كانت مكانته كبيرة في أعين البعض، حتى الصبايا الفاتنات لا أستطيع استمرار مراسلة إحداهن خمس دقائق. سئمت فكرة بناء العلاقات. أنا فاشل دبلوماسياً واجتماعياً وحتى عاطفياً.
تلك الأحداث والأخبار والجرائم لم تعد تهزني من مكاني أو تكلفني عناء الالتفات أو الإصغاء إليها، وإن استفسرت عن بعضها أشعر بأني تكلفت كثيراً في ذلك. الفضول مات بداخلي، وأصبح كل حدثٍ أو حديث اعتيادياً في نظري، حتى تلك التي تخصني. ليس الأمر أنني نضجت، ولا علاقة للأحداث التي مررت بها في تكوين هذا الشعور. مللت متابعة وسماع السخافة وسفاسف الأمور.
الأخبار مكررة، الأحداث متقاربة، والروتين ممل. ليس للابتعاد عن الله أو المال أي علاقة بما يحدث معي الآن. الفوضى والمتاهة التي أعيشها ليس لها علاقة بجيناتي الوراثية أو حالتي النفسية. أنا مُكبَّل أسير ولم أعد أطيق تحمل كل هذا القرف. بيئتي تحاصرني، تخنقني. أنا في مجتمع محاصر مغلق تماماً. الأغنية التي سمعتها على الباص يكررها الفنان منذُ تسعينيات القرن الماضي، وحتى السائق التافه يستمتع بذلك التكرار. وقارئ النشرة الإخبارية يكرر الأحداث المكررة منذُ عشرين عاماً. وذلك الكوميدي لم يعد كوميدياً حتى يضحكنا دون أن يضرب ذاته ويكشف عورته. ناس تفرح وأخرى تموت كالعادة. ‏أريد أن أعيش حياة مختلفة. لا أريد أن أذهب إلى المكان نفسه كل يوم وأن أرى الناس أنفسهم كل يوم. لا جديد في حياتي، حتى الأكسجين الذي نستنشقه كررناه أكثر من مرة، وأصبح أقرب إلى السموم. أتمنى لو أغادر الحياة وأوفر لكم الأكسجين، فمثلي ربما لا يستحق العيش هُنا!
جمجمتي خاوية، ومساحة الفراغ في عقلي أكبر من صحراء الربع الخالي. أبحث عن أي معلومة، وأتعطش للاستكشاف، لا للضياع بين طيات الكتب التاريخية وشبكة الإنترنت. صرت أؤمن أن العالم اتفق على خذلاني. أرغب في انتشال أجزائي ووضعها في المقبرة، فهذه الأرض لم تعد تناسبني.
أنا لا أتسول إجابات لكل هذا الهراء، فأنا أعرف ألا أحد يسمعني، إلَّا العظيم. ‏إني أقول كل ما لا أريد قوله، وهذا يؤلمني كثيراً!

أترك تعليقاً

التعليقات