شيء من الحقيقة بين يدي وزير الداخلية
- شرف حجر الأثنين , 28 أكـتـوبـر , 2024 الساعة 7:12:05 PM
- 0 تعليقات
شرف حجر / لا ميديا -
"يا ليت اللقاء ما كان"، ليس لشيء، وعلى العكس رجال وشباب يرفعون الرأس، معظمهم مجاهدون والبعض منهم تنقّل في كثير من الجبهات مستبسلاً رباطاً وجهاداً وتضحية وإباء منقطع النظير.
عند تداولهم أطراف الحديث أخذهم النقاش لطرح مكنونات نفوسهم والكثير مما ينغص حياتهم، التي هي في الأساس معضلة وفيها من الهموم والمواجع ما يكفي، فكيف يعيشون ويرتبون أمورهم المعصودة أصلاً؟!
لفت انتباهي تبادلهم الحديث بشيء من الفكاهة العجيبة، ونقاط كثيرة تم التحدث عنها، سأتطرق إلى الأهم منها وبتلميح.
ففي أحد المواضيع، أنهُ عندما تم صرف مستحق تحت مسمى رعاية أو نفقات أو مواساة أو إعاشة أو بدل جعجعة أو "بدل مازلت على قيد الحياه" و"كتب الله أجرك"... عموماً بعد ستة أشهر تصرف خمسة عشر ألفاً، والحمد لله أنها من حقنا وليست قعيطي (الطبعة الجديدة في المناطق المحتلة)، وهذه من نعم الله على هؤلاء المؤمنين، ليتخيل الجميع بعد ستة أشهر والوقوف في طابور الاستلام، وبدلاً من تواجد قائد هذه الجهة بجوار صندوق الصرف وطلب المسامحة من كل فرد واعذرونا على التقصير وليس المبلغ بقدركم، وأي كلمة طيبة تطيّب قبح الخمسة عشر ألف ريال، ينتظر الفرد حالة من الغدر وكمين أربعة صناديق للتبرع! ولا داعي لتفصيل تسميات صناديق الإنفاق، كما يُطلق عليها. لا حول ولا قوة إلا بالله، يصل المبلغ بعد الصناديق المباركة إلى تسعة آلاف، وألف يطلع أو ينقص، لو قسمنا المبلغ على ستة أشهر (180 يوماً) حاولت قسمة مبلغ 15 ألفاً على 180 يوماً، الآلة الحاسبة عجزت عن إجابتي، حاولت عدة مرات، ولكني فشلت! طيب كيف يعيش هؤلاء الأفراد؟! لا أدري، ولا إجابة لديّ. سألت باحثاً عن إجابة يقبلها العقل وتقبل القسمة حتى برقم واحد بعد صفرية الآلة الحاسبة، أقلها مائة ريال لليوم، وهذا ما لم يكن.
هؤلاء الصابرون مطلوب منهم طوابير وتمامات وتواجد طيلة اليوم والتزام بحضور الدروس و... و... و... ويستحيل أن أحداً منهم يقدر على الاستيعاب أو التثقف، ووضعهم في الحقيقة يتجاوز المزري والظلم الزعاف. سألت أحدهم: ما الذي يُجبرك على ما سمعت؟! أجابني: تركت كل شيء وانطلقت مجاهداً مع الله وفي سبيله، ووجدت نفسي بعد هدنة السوء وتوقف الجبهات فرداً (جندي) في وحدة!... حسبنا الله ونعم الوكيل!
لماذا؟! وكيف تغيب عن قيادة وزارة الداخلية حقيقة هذا الوضع الميداني المظلم، خصوصاً وعلى رأس هرم القيادة الوالد المجاهد اللواء عبدالكريم أمير الدين الحوثي (يحفظه الله)، وهو المعروف بالطيبة والقلب العطوف والنفس الرحيمة؟! لا رحم الله ولا وفّق من يضللون الحقائق ويحجبون الواقع عن القيادة، التي لو علمت لما تغاضت ورضيت بما يحصل، ومع ذلك هم أصحاب مسؤولية والواجب عدم الاكتفاء بجميل ما يُرفع إليهم، وأن الأمور فاهنة والناس مكيفين!
لا، سيدي وزير الداخلية، غير صحيح ما يحرص "المكيفين" على وصوله إليكم، فهو ينافي الواقع والميدان! ليس الإنجاز ما يُرفع إليكم، أدخلنا مئات ورشات ثقافية ومئات يستغفرون الثلث الأخير من الليل ينوبهم بعد الفريضة مئات المسبحين حتى شروق الشمس ويستعد المئات لركعتي الضُحى... أين كل ما يحصل من بناء الفرد كعنصر بشري، أمنياً كان أو عسكرياً، ولا أدري بخصوص الجانب العسكري وما خفي من نثرات المنوط بهم تحمل مسؤولياتهم وترجمة توجهات سيد الثورة (يحفظه الله) في الميدان تجاه كل مجاهد وفرد ومواطن.
في المقابل فإن الفرد يعيش حالة من البؤس وهو يرى ميدان المعسكر تخيم عليه سياسة "فرِّقْ تَسُدْ"، ويخشى من زميله أن يكون مخبراً عليه، ويرى بوابة المعسكر الجديدة من إنجازات الهدنة، وتحولها إلى الأتمتة والعمل عن بُعد بريموت كنترول، وهناك أفراد بدون مهام وزي عسكري، وهذا بدون قائش، وذاك بدون بيادة... في حين أن كماليات الهندام للباس المسؤول من الكماليات تتجاوز المائة ألف ريال على أقل تقدير، وليس بالضرورة أن يكون من يعين في موقع المسؤولية سيئاً أو فاسداً أو... أو... ولكنه بعيد عن واقع المسؤولية ولا يرغب في أحوال عامليه ومنهم في إطار مسؤوليته أمام الله قبل إدارياً ووظيفياً، أي أنه منفصل عن الواقع المحيط به، وأموره تمام التمام، ومصروف أصغر أبنائه في اليوم أقل شيء ألفا ريال، والعسكري عنده لا يصل استحقاقه العُشر من جعالة ولي العهد مثلاً!
مظلومية وعناد.. إقصاء وتنكيل
أحد المجاهدين منذ بداية العدوان على اليمن وهو يتنقل في الجبهات، من نهم إلى مارب والجوف وصولاً إلى معارك الساحل الغربي، لسنوات، وعند "رسمنة" أوضاع المجاهدين ممن كان نصيبهم وحدات ضمن وزارة الداخلية يختلف بخصوص مشاكل مرتبطة بالعمل، يقيم هذا المسؤول القيامة ويقطع عليه الرعاية، ويوقف أي تسويات واستحقاق مكتسب، ليس فضلاً من أحد أو محسوبية، ويُحال للمجلس التأديبي، وبعد أكثر من عام يفصح المجلس التأديبي مقرراً إطلاق مستحقات المذكور وإنجاز تسوياته الموقوفة، وتمت مخاطبته بذلك ولا يستجيب المعني، كبراً وعناداً، وهكذا هي الأمور، وما لا يصل إليكم سيدي وزير الداخلية... ويقول الله سبحانهُ وتعالى: "لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهرَ بِالسّوءِ مِنَ القَولِ إِلّا مَن ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَميعًا عَليمًا".
أين الإنسانية من المسؤولية؟! وكم محاضرات ودروس من سيد الثوره (يحفظه الله) مما يتم على أرض الواقع؟!
وكم أتمنى ألا يتم تجاوز صُلب الموضوع، والحرص فقط على معرفة من هذه الجهة أو الأسماء... إلخ، وكلي ثقة بشخصكم معالي وزير الداخلية أنكم تكفيكم الإشارة لحلمكم المعروف عنكم وحرصكم على انضباط الأداء وعدم السماح بتقصير أو انحراف، خصوصاً عندما يكون ضمن مسؤوليتكم التي هي أمام الله قبل أي أحد وقبل أي شيء.
من وصايا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لمالك الأشتر: "ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختباراً، ولا تولهم محاباة وأثرة، فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة، وتوخَّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة، فإنهم أكرم أخلاقاً، وأصح أعراضاً، وأقل في المطامع إشرافاً، وأبلغ في عواقب الأمور نظراً. ثم أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك، ثم تفقد أعمالهم، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية. وتحفظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهداً، فبسطت عليه العقوبة في بدنه وأخذته بما أصاب من عمله، ثم نصبته بمقام المذلة ووسمته بالخيانة، وقلدته عار التهمة".
المصدر شرف حجر
زيارة جميع مقالات: شرف حجر