شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
سبق ونشرتُ مقالاً تحت العنوان ذاته قبل قرابة العام عن المشكلة نفسها التي لاتزال قائمة، وصمت مطبق وتنصُّل مريب وبَرم مكشوف وجراءة فاضحة للأسف!
الملف الاقتصادي ملغوم ومفخخ بشكل مرعب. مؤامرة أُبرمت بليل في اجتماعات مغلقة حضرها الشيطان وشاركهم بالمشورة. وجزء من هذا الملف اليوم ناجم عن سياسة إدارة السياسة النقدية منذ السنوات الأولى للعدوان.
حقيقة بخصوص سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية أن السعر المعوم حالياً هو غير حقيقي البتة، ورجال الخبرة والاقتصاد منهم خارج منظومة السيطرة التي تعمل ضمن مسار خاص. إن سعر الصرف في جغرافيا السيادة غير صحيح، وما يحصل هو مجرد قبضة أمنية وتفاهمات مع بقية اللاعبين والشركاء في هذا الملف لا أقل ولا أكثر. ما يتم هو سحب واستنزاف مدخرات الناس لصالح لوبيات وتجار الحروب الذين يشكلون تحالفاً ثنائياً بين رأس المال والسلطة، فشعب اليوم يبيع كل ما لديه من مدخرات نقدية وعينية ليواجه متطلبات الحياة، ولا يراكم العملة الصعبة في الخزنات المصفحة. أما من يسحب العملة ويراكم رزمها فهو معروف.
سيردّ قائل: في المناطق المحتلة سعر الصرف والأزمة الاقتصادية لديهم كذا وكذا... وهنا القياس باطل، فهناك خونة واحتلال وعملاء ومرتزقة، بينما في صنعاء مشروع ثوري وشعب حر صامد وقيادة ثورية ممثلة في سيد الثورة (يحفظه الله)، والتفاصيل لا تتسع لها مساحة المقال، والمعنيون وأصحاب الخبرة والمطلعون يعرفون صحة ما يتم الإشارة إليه.
ونقول لسلطة إدارة القطاع النقدي اليوم: دعونا مما سبق، ونسألهم: ماذا يحصل الآن؟! ولمصلحة من؟! ولماذا التجاهل عمداً وغض الطرف والتعامي عن اشتعال فتيل يُشرف على التسبب بحريق وإحداث كارثة تقضي على ما تبقى من صمود الشعب ضمن جغرافيا السيادة الثورية، بينما المسؤولون عن هذا الملف يقفون متفرجين ولا يبالون؟!

مثالاً لا حصراً
صدر قانون منع التعاملات الربوية، كفتوى شرعية، دون الأخذ في الاعتبار كل التبعات الاقتصادية، سلباً وإيجاباً، وتقييم الآثار المترتبة على خطوة كهذه اقتصادياً، والوقوف أمام الشرائح (مؤسسات، بنوكاً، أفراداً) التي تندرج ضمن إجراءات القانون، وعمل معالجات واقعية قابلة للتنفيذ بهدف الحد من أي مضاعفات عند بدء التنفيذ وما بعد ذلك على المدى الطويل.
البنوك التجارية وغيرها لعقود لم تسهم في تنمية اقتصاد البلد، لم تبنِ المصانع ولم تنفذ المشاريع الاستثمارية ولم يتم المساهمة في النهوض ببنية الوطن استثمارياً ولا تنموياً.
تجمع البنوك ودائع الناس وتشتري أذون الخزانة من البنك المركزي، مكتفية بعائدات أو فوائد سندات أذون الخزانة. وتأخذ البنوك لأصحاب الودائع نسبتهم، وتستقطع حصتها من الفائدة السنوية، لذلك لم يستفد البلد من كل تلك الكتلة المالية التي تجمد، نتيجة عدم وجود رؤية اقتصادية استثمارية تحقق التنمية الفعلية للدولة بما ينعكس إيجابياً على الوطن والمواطن.
قانون منع التعاملات الربوية صدر مؤخراً، والسؤال هو: ما مصير فوائد ما قبل صدور القانون؟! وإلى أين ستؤول؟! أبوها الفوائد؛ رأس المال الذي دُفع مقابل شراء أذون الخزانة ما مصيره؟! وما هو الحل والبنوك تُحمّل البنك المسؤولية الكاملة، والمواطن هو الضحية الأضعف؟!
اليوم أزمة السيولة النقدية، من خلال ما يدور ويتم. المودعون لدى البنوك حتى ما بعد قرارات تجميد الأرصدة عام 2015، والذي تم تبريره بظروف العدوان، وما ترتب عليه من تبعات وضرورات المواجهة للحرب الاقتصادية... طيب، ما بعد التاريخ السابق لقانون منع التعاملات الربوية، الذي يسرى على ودائع اليوم، هناك ودائع وإيداعات نقدية لدى البنوك في العاصمة صنعاء، منذ أقل من شهر يذهب المودع للبنك الفلاني ويمتنع البنك ويماطل في تمكين المودع من سحب ما تم إيداعه كلياً أو جزئياً، ويقول البنك: هذه تعليمات البنك المركزي، أيوة، ما بش معانا سيولة زلط! ويضيف: نقودنا لدى البنك المركزي ويرفض تسليمها لنا، إيش نسوي؟!
من الضحية هنا؟! الضحية هو المواطن الذي على نيته وودّف بماله في البنوك، وهذه هي الحقيقة، وإلا ما هو تفسير ما يتم؟!
رغم كل الظروف الغامضة، تفقس شركات صرافة كل يوم. غريب! لا سيولة ولا تحويلات نقدية من الخارج، والناس حراف، وحصار وعدوان وبنوك نكبت العباد والبلاد! يعلم الله من يقف خلف كل شركات الصرافة ومتى سينفجر بركان التضخم المالي، ونتمنى ألا يحصل ذلك.
ما هي المشكلة؟! وما سبب عدم وجود من يجيب على هذه الأسئلة؟! ولماذا المعنيون لم يصدر منهم أي توضيح؟! أبوابهم مغلقة وهواتفهم محجوبة وودائع وأموال الناس في حكم المنهوبة! ماذا يديرون؟! وعلى ماذا يتسترون؟! من سيجيب؟! لا أحد يبالي! الناس بحاجة لتوضيح حول الإجراءات التي تم اتخاذها وما هي المعالجات!
لا ندري ما هي رؤية المعنيين بهذا الملف تجاه ما يحصل؛ لكن لا بد من التعجيل بمعالجات طارئة لتمكين البنوك من تلبية احتياجات المودعين، وليس من المنطقي انهيار المصارف وإعلان حالة الإفلاس على الاقتصاد خصوصاً في الظرف الحالي.
تأزيم الأوضاع لمصلحة مَن؟ ولمصلحة من استهداف الحاضنة الشعبية للثورة وسند سيد الثورة (يحفظه الله)؟!

أترك تعليقاً

التعليقات