عن معركة الخبر والصورة
 

فايد أبو شمالة

فايد أبو شمالة / لا ميديا -
بخصوص ما يصدر من المصادر "الإسرائيلية" من أخبار حول سير المعركة ‏أرجو ملاحظة ما يلي‎:
أولاً: كل ما ينشره الإعلام "الإسرائيلي"، وليس العبري فقط، بل كل ما يصدر ‏حتى عن المصادر العربية داخل الكيان، يخضع لرقابة عسكرية صارمة، ولا ‏ُيُسمح بنشر أي معلومات أو صور أو نحو ذلك بدون موافقة ضباط الرقابة ‏العسكرية‎.
ثانياً: كل الأهداف العسكرية التي يتم قصفها من المقاومة يمنع منعاً قاطعاً ‏الاقتراب منها والتصوير ونقل الصور، وكل ما ينشر بعد ذلك هو التصوير ‏الخاص بقوات الاحتلال والمصورين التابعين لمكتب الدعاية‎.
ثالثاً: تضعف قبضة الرقابة في المناطق العربية، وخصوصاً إذا كان هناك ‏إصابات أو أضرار؛ لأن من مصلحة الاحتلال القول إن صواريخ المقاومة ‏تصيب المناطق العربية‎.
رابعاً: التركيز على نشر بيانات وتصريحات الناطق العسكري ورسائلهم ‏التي يرسلونها إلى جميع وسائل الإعلام الدولية المعتمدة‎.
أمام ذلك راجعت معظم المواقع العبرية التي تنشر الأخبار في الأيام ‏الماضية، وهي التي تستقي منها تقريبا كل وكالات الأنباء العالمية وغيرها ‏ويتم ترجمتها إلى العربية، فنجد أن أخبارها متكررة تقريبا وتكاد تنحصر ‏في هذه الأمثلة: إصابة عدد محدود من المستوطنين أثناء هروب إلى الملاجئ، ‎صورة مروحية ينزل منها مصاب على سرير واحد أو اثنان على ‏الأكثر وحوله مجموعة من المسعفين، ‎صورة مصاب على سرير يدخل إلى قاعة طوارئ بمستشفى شبه ‏فارغ، ‎صورة سيارة تحترق أو محترقة، ‎صورة مبنى مدني متضرر وزجاج مكسور، ‎فيديو صواريخ "القبة الحديدية" تنطلق وتصيب صاروخاً أو مسيّرة، ‎فيديو صفارات الإنذار، ‎تدمير عمود أو مزرعة أو مصنع مدني شبه خالٍ، ‎انقطاع التيار الكهربائي عن منطقة معينة، ‎أحياناً خبر عابر عن إصابة جندي أو مقر عسكري لإضفاء مصداقية ‏على الأخبار، ‎مسيّرة تحلق فوق طبريا، ‎صورة دخان متصاعد من مكان مجهول بعيد... ونحو ذلك‎.
إن الهدف الرئيس من وراء ذلك هو القول بأن ضربات المقاومة غير ‏مؤثرة، وأن الاحتلال قادر على احتوائها والتعامل معها، وأن المعركة غير ‏متوازنة أبدا‎.
الاحتلال يتقن لعبة الدعاية والدعاية المضادة وتشويش الأفكار وتشتيت ‏الانتباه. والمقاومة تركز على الأهداف العسكرية التي لا يمكن معرفة نتائج ضربها، ‏سواء من دمار أو قتلى أو جرحى، إلا في حدود ما يعطي المصداقية ويقلل ‏ الأثر‎.
سنعرف الحقيقة فقط عندما تصل ضربات المقاومة إلى أهداف استراتيجية ‏أو حيوية أو أهداف مدنية كبيرة‎، لذلك فإن نقل أخبار من النوع الذي في الأعلى (دون التعليق عليها) يخدم ‏العدو ولا يخدمنا، ويعطي مصداقية لروايته‎، وحتى عندما يعلن العدو عن بعض الخسائر يجب أن نعرف أن ما ينشر ‏هو جزء بسيط جدا من الحقيقة وهدف النشر هو إثبات المصداقية‎.
في الحروب هناك أهمية للمصادر المحايدة. وللأسف في حالة الكيان يتم ‏إغلاق المؤسسات المحايدة، كـ"الجزيرة". وأما الإعلام الدولي فهو إما منحاز ‏وإما عاجز‎.
الخلاصة:‎‎ لو سمحتم، لا تنقلوا رواية الاحتلال دون تشكيك‎، ابحثوا أكثر عن مصادر لا تخضع للرقابة‎، لا تفقدوا الثقة، فالكذب حبله قصير كما يقولون‎.

أترك تعليقاً

التعليقات