قدّس الله سركم!
 

أشرف الكبسي

د. أشرف الكبسي / لا ميديا -
لم يقتل قابيل أخاه هابيل لعصبية دينية مذهبية، ولا لفتنة عرقية طائفية، أو في خضم صراعهما على السلطة، أو على حق امتلاك قطعة أرض تقع على تقاطع شارعين رئيسيين. كما أن رفض إبليس السجود لآدم، لا يعود لثأر قبلي، أو نزاع سياسي. وقطعاً لم يفعل إخوة يوسف ما فعلوه به، كونهم سنة وهو إثنا عشرية... فالسبب الحقيقي وراء تلكم الأحداث المأساوية جميعاً يكمن وببساطة في الكراهية والحقد، الناتج عن صراع المقارنة وغيرة المفاضلة، بين الأنا والآخر!
لا يتطلب الأمر الكثير من الحقائق والبراهين. يكفي أن يمتلئ قلبك بالحقد والكراهية، لتفعل ما فعله قابيل وإبليس وإخوة يوسف. وهذا بعينه ما تهدف إليه حملات الشحن الطائفي والتحريض المذهبي والمناطقي، والتي لا تقوم على حجة عقلية، وإنما على إيغار الصدور، وتأجيج الشعور، تارة بادعاء الحق الحصري في قراءة الدين، واحتكار الحقيقة المطلقة، الكافية لتكفير الآخر وتسفيهه، وتارة أخرى ببث سموم المفاضلة السلالية الزائفة، بل ومحاكمة القلوب والأنفس، لا على ما تقول أو تفعل، وإنما على الشك والظن بما يمكن لها أن تضمر أو تشعر، لا من واقع حالها، وإنما من خيالات وأوهام ناقديها!
أنتمي شخصياً إلى أسرة "كبسية"، ولم أسمع يوماً أحد أفرادها يقول ما يقال من أفضلية "السادة"، إلا بالتقوى، ولطالما كان شعارها: "أن تكون "هاشمياً" فذلك لا يعني أنك أفضل من الغير، وإنما أن عليك أن تكون أفضل مما أنت عليه"، وكان كل همها، وجل سعيها، أن تعيش حياة كريمة عادلة، في وطن يتساوى أفراده في الحقوق والواجبات، شأنها في ذلك شأن كل أسرة يمنية، تؤمن بالله وتحب لسواها ما تحب لنفسها.
أنتمي "مجتمعيا" إلى المذهب الزيدي، وإن غابت تفاصيل أدبياته عن مناهجنا المدرسية، لكني لم أسمع يوماً أحد أفراده يقول، ما يقال، بحق المنتجبين والخلفاء الراشدين، مع رفضه إلغاء العقل والحجة لحساب الانقياد والتبعية، ولطالما كان شعاره: "نحن أقرب أهل السنة إلى الشيعة، وأقرب أهل الشيعة إلى السنة"، وكان كل همه، وجل سعيه، أن يتمتع بحقه في نشر الفكر وممارسة الشعائر، بالتساوي مع كل مذهب وتيار مغاير!
أيها السادة، وكلكم سادة، ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، ونحن جميعاً إخوة في الله والدين والوطن، دعونا نفشي السلام بيننا، ولنكن جميعاً "رافضة" نرفض الظلم والفساد، ولنكن جميعاً "نواصب" نناصب العداء لمن أراد بلادنا وأهلنا بسوء. قدس الله سركم، وكان الله في عوننا على جهل بعضنا!

أترك تعليقاً

التعليقات