المثقف «الخضعي»!
 

أشرف الكبسي

د. أشرف الكبسي / لا ميديا -
مشكلة المثقف «الخضعي»، أنه يستخدم ذكاء الثقافة للدفاع عن أنيق غبائه.
يدفن رأسه في الكتاب والذاكرة بحثا عن أعدائه، ولو أنه أخرج رأسه الشكسبيري من النافذة، لرأى طائرات معادية، مرسوماً عليها سيفان ونخلة، وصواريخ مكتوباً عليها: نحن هنا يا عبقرينو!
تتابع مسترخياً كتابات أحد المثقفين فإذا بك تتعرض لعضة مسعورة، تفرض عليك الهروع لأقرب مستوصف ثقافي لتلقي العشرات من الحقن الأخلاقية وفي منطقة حساسة، كإجراء احترازي لازم يقيك الإصابة بعدوى الحماقة وإدمان الضغينة.
قد يدمن المثقف ممارسة الإساءة فيغدو إساءة تضع عوينات وتحمل بطاقة لغوية، حتى إذا نظر يوماً بإمعان في انعكاس صورته على شاشته الإلكترونية المسطحة لم ير هناك إلا تمساحا يحمل قلماً..!
يقرر البعض المثقف نيابة عنك أنك عنصري، وفي طريقة غريبة لشفائك من «تعنصرك»، يحدثك أولاً عن غاندي ولوثر كنج وكونفوشيوس وكل الطيبين في الكتب، ثم يبدأ منفعلاً بامتهانك وازدرائك واحتقارك، مروراً بركل وجودك وصفع أمسك ونسف غدك، وبعد أن يحشرك في الزاوية العرقية التي أرادها لك وإلباسك الكفن الطائفي الذي خاطه لك، يطلق على رأسك «العنصري» رصاصة المناطقية الأخيرة، ويقول لجثتك بلكنة ليبرالي متسامح يستفزه لون قبرك: تف عليك يا عنصري!
عندما يغادر المثقف شرنقته الأخلاقية، يغدو حشرة عارية.. وإذا ما بدل مراراً قناعة جلده اللعين أضحى ثعباناً أملس يتبع بخفة حركة مزمار الحاوي على ناصية جرعة الغواية.
يهز هذا «المثقف» مصطلحات خاصرته الأدبية، فيبدو شبيهاً براقصة شرقية، يلاحقك، في شتى المناسبات، وجهها المتلون ورموشها البارزة المستعارة، بينما تحدق أنت بدهشة في خصرها المهتز للإيقاع الأكثر تمويلاً وصخباً..!
ليست الثقافة حظيرة، يضحك الحمار المتأنق الذي بداخلها سخرية من الحمار البربري الذي خارجها، كما قال «الرازحي» أو كما قال حماره.
فما الثقافة؟ وما المثقف؟!

أترك تعليقاً

التعليقات