د.ميادة رزوق

د. ميادة إبراهيم رزوق - كاتبة سورية -

الحرب البيولوجية هي الحرب الجرثومية أو الميكروبية التي تعتمد على استخدام الجراثيم أو الفيروسات أو غيرها من الكائنات الحية الدقيقة وسمومها التي تؤدي إلى نشر الأوبئة بين البشر والحيوانات  والنباتات، بعد العمل على تطويرها لمنع تأثرها بسبل مقاومة هذه الأوبئة ومسبباتها.
من الناحية التاريخية تعتبر الأسلحة البيولوجية أقدم أسلحة الدمار الشامل استخداماً من قبل الإنسان في نزاعاته وحروبه. وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر أنه في عام 1763 استخدم المهاجرون الأوروبيون إلى أمريكا بعد اكتشافها من قبل الرحالة كولومبس السلاح البيولوجي للتخلص من الأعداد الكبيرة من الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين، وذلك عن طريق نشر الأمراض غير المعروفة هناك، حيث لا توجد مناعة طبيعية لدى الهنود الحمر ضدها. وكان لمرض الجدري دور رئيسي في القضاء على الأغلبية الكبيرة من الهنود الحمر آنذاك، من خلال إرسال مناديل وأغطية مجلوبة من مستشفى العزل لمرضى مصابين بالجدري كهدايا لرؤساء القبائل الهندية، فكانت النتيجة أن انتشر ذلك المرض بين الهنود الحمر وفتك بهم.
وقبل ذلك التاريخ وبعده استخدمت الأسلحة البيولوجية بطريقة أخرى خلال الحروب الصليبية (1096 ـ 1291)، وفي الحرب الأهلية الأمريكية في عام 1863 بتلويث الأنهار والبحيرات بجثث الموتى أو الحيوانات الميتة المصابة بالأمراض المعدية، لنشر الأمراض الفتاكة كالطاعون والجدري والكوليرا...
كما استخدمت الأسلحة البيولوجية في الحرب العالمية الأولى من خلال إطلاق سحابة من المواد الكيميائية القاتلة أو البكتيريا. وبعدها أدركت دول العالم الخطر الكبير لهذه الأسلحة، وقررت بشكل موحد عقد معاهدات هامة لحظر الأسلحة البيولوجية والكيميائية. وكان أول بروتوكول في عام 1925 لحظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو غيرها، والوسائل البكتريولوجية، ووقعت عليها معظم الدول، وأبرز المارقين الذين لا يولون اهتماماً لأية معاهدات دولية هي الولايات المتحدة الأمريكية و»إسرائيل».
وبنقلة سريعة إلى العصر الحديث دون الدخول أكثر في تفاصيل الحروب البيولوجية نجد كثرة التساؤلات وإشارات الاستفهام عن فيروس كورونا الذي اكتشف عام 2002 في الصين، وانتشر حالياً في الصين وإيران وعدد من الدول العربية والأوروبية ودول أخرى، والحملة الإعلامية المسعورة والمبالغ بها على معظم شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أثار الهلع والخوف عند بعض الشعوب دون البراءة من أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية تحكم هذه التغطية وتوجهها نحو الصين وإيران دون التركيز على بقية الدول التي انتشر فيها هذا الفيروس، بغية الحصار وإثارة القلاقل في الداخل الصيني أو الإيراني للتأثير على النمو الاقتصادي في الصين من خلال التأثير على موسم السياحة في أكثر المناطق سياحة في أوهان في موعد العيد الصيني، وإيقاف الدول الخليجية ولبنان رحلات الطيران من وإلى الصين، بالإضافة إلى الصادرات والواردات الصينية، وتصويب الأسهم بتقويض السلطة وشيطنة الرئيس الصيني شي جين بينغ شخصاً وقيادةً، بهدف إجراء التغيير السياسي بعد الفشل في استثمار مشكلة الأويغور في شيبنجيانغ، أو أحداث احتجاجات هونغ كونغ، أو التأثير على الانتخابات الإيرانية بدب الذعر والهلع ومقاطعة الانتخابات، مع المزيد من التطويق والحصار بإيقاف رحلات الطيران العربية الإيرانية، وكل ذلك وفق الأوامر والأجندة الصهيوأمريكية.
ولا نجافي الحقيقة إذا اعتبرنا الولايات المتحدة الأمريكية هي المسؤولة عن صنع وتصدير هذا الفيروس ضمن الحرب البيولوجية التي ذكرنا بعض تفاصيلها أعلاه. وقد يكون هذا التخمين بالقياس إلى ما سبق وما يلي من معطيات:
- اعتبار الصين وإيران وروسيا في خانة العدو للولايات المتحدة الأمريكية.
- انتشار 25 مركز اختبار بيولوجي عسكري تابع للبنتاغون في كل من جورجيا وأوكرانيا بلدان الاتحاد السوفييتي سابقاً، على حدود الصين وروسيا وقريبة من إيران، وفي دول الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، وفي أفريقيا، وأبرزها مختبر لوغار البيولوجي في العاصمة الجورجية تبليسي.
- إعطاء حصانة دبلوماسية للعلماء العسكريين الذين يعملون في المركز، رغم أنهم ليسوا شخصيات دبلوماسية، بالإضافة إلى نقل مسببات المرض وعينات الدم الجافة على شكل حمولات دبلوماسية غير قابلة للتفتيش تُستخدم لغايات بحثية لتطوير أسلحة بيولوجية جرثومية.
ومهما كان مدى صحة التخمينات السابقة بوضع فيروس كورونا في إطار أو خانة الحرب البيولوجية، إلا أنه لا يمكن إلا أن يكون في إطار الحرب الإعلامية والنفسية والاستثمار عليه بنتائج باءت بالفشل بمدى التحكم وسيطرة كل من الصين وإيران على محدودية انتشار المرض ونسبة الشفاء التي قاربت 98٪ في حين فشلت إيطاليا وغيرها في تحقيق السيطرة والنسبة ذاتها؛ لنكون أمام انتصار من نوع آخر لبلدان محور المقاومة وحلفائها على الجبروت والطاغوت الصهيوأمريكي الذي تتوافق وتتساند ضرباته بين الجنوب والشمال السوري بين «الإسرائيلي» والتركي مع الانشغال الصيني والإيراني بمعضلة كورونا، ليكون هو أمام معضلة تغيير قواعد الاشتباك والمعادلات الدفاعية وتوازنات القوى من اليمن إلى الحدود مع وداخل فلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني إلى الشمال في معركة إدلب حيث العين على لواء اسكندرونة، إلى التصميم على معادلة أفقي أوعمودي بالنسبة للأمريكي والتركي.
* أكاديمية وكاتبة سورية.

أترك تعليقاً

التعليقات