مراد شلي

مراد راجح شلي / لا ميديا -
خلال العدوان الأمريكي على العراق في العام 1991 ضمن ما سمي آنذاك «حرب الخليج»، حققت القوات الأمريكية تفوقاً جوياً في العراق، وكان الجيش العراقي حينها من أقوى الجيوش العربية وعلى مستوى جيوش المنطقة، حيث دمرت البنية العسكرية للجيش العراقي خلال 40 يوماً بنسبة 99%.
بالمقابل، الوضع في اليمن حالياً مختلف تماماً، فبعد مرور 45 يوماً من العدوان الأمريكي المتواصل على اليمن والهجمات الجوية للجيش الأمريكي، لم تتأثر البنية العسكرية للجيش اليمني بأكثر من 1%.
ليس هذا فقط، بل إن الجيش الأمريكي سجل خسائر مروعة بخروج حاملة الطائرات «هاري ترومان» عن العمل وإسقاط عدد كبير من الطائرات المسيّرة المسلحة نوع (MQ9).
والأسوأ أنه فشل تماماً في منع الجيش اليمني من استهداف «إسرائيل» والأهداف الأمريكية العسكرية، وكذا فك الحصار على السفن «الإسرائيلية» والأمريكية في البحر الأحمر.
يتساءل الكثيرون حول العالم: ما هو سر هذه القدرة الدفاعية للجيش اليمني؟! وما أسباب تعثر الهجوم الأمريكي العسكري الجوي في تحقيق أهدافه؟!
وتُعرف العلوم العسكرية بأنها العلوم الخاصة بدراسة الجيوش والاستراتيجيات العسكرية والأسلحة الحربية.
وهنا تكمن مشكلة الجيش الأمريكي، أنه لم يقم بدراسة الجيش اليمني وقوته المتصاعدة المسنودة بالثقة بالله والقيادة العظيمة والخبرة المتراكمة في مواجهة الحملات الجوية طوال عشر سنوات من عدوان التحالف منذ 2015، مما ساهم في تطوير أساليب مبتكرة للبقاء.
اعتمد الجيش اليمني استراتيجية «الحرب اللامتماثلة»، التي تعتمد على:
- توزيع البنية العسكرية: تشتيت المنشآت العسكرية والذخائر في مواقع جغرافية متنوعة، بما في ذلك المناطق الجبلية الوعرة التي يصعب استهدافها جوياً.
- التمويه والخداع: وهذا أحد أسباب تفوق الجيش اليمني الغامضة، والتي فشلت القدرات الأمريكية في اكتشافها واختراقها، ما جعلها تكيل الاتهام لشركة صينية بتزويد الجيش اليمني بصور وإحداثيات الأهداف العسكرية البحرية الأمريكية.
وتشير تقارير صحفية عالمية إلى أن الجيش اليمني يمتلك شبكات اتصالات لاسلكية بديلة متطورة للغاية تشمل تكتيكات إرباك الرادارات، مما يعيق تحديد الأهداف بدقة.
في المقابل، واجه الجيش الأمريكي تحديات في تكييف تكتيكاته مع هذه الحرب، حيث ركز على القصف الجوي المكثف باستخدام طائرات متطورة، مثل «إف إيه 18» وصواريخ «توماهوك»، أثبتت فشلها في تعطيل البنية التحتية العسكرية الموزعة للجيش اليمني.
والتضاريس اليمنية لعبت دوراً محورياً في تعقيد المهمات الجوية للعدو الأمريكي.
وتُعد الجبهة الشعبية المساندة للجيش اليمني من أبرز نقاط التفوق اليمني في معركة الصمود بوجه العدوان الأمريكي، فقد تحولت مرحلة المواجهة المباشرة مع العدو الأمريكي و»الإسرائيلي» إلى قضية وجدانية في الوعي الجمعي اليمني تجمع بين الدفاع عن السيادة الوطنية ومساندة مظلومية غزة، ما عزز قوة وصلابة تماسك الجبهة الداخلية الصامدة في وجه العدوان الأمريكي.
وكان التفوق الاستخباراتي أحد أسباب قوة وصمود الجيش اليمني، فقد أدت عمليات كشف الجواسيس التي حققها جهاز الأمن والمخابرات إلى إضعاف رصد الأهداف، وهذا ما جعل الكثير من المحللين يتحدثون أن أمريكا تقاتل في اليمن بعيون عمياء رغم محاولاتها المتواصلة تجنيد واستقطاب عملاء جدد في خضم عدوانها على اليمن، لكنهم تحت أعين ورصد جهاز الأمن والمخابرات اليمني، وهذا ما أشار إليه الرئيس المشاط في كلمته التاريخية الأخيرة.
أثبت صمود الجيش اليمني أن التفوق الجوي العسكري ليس ضمانة للنجاح في الحروب الحديثة، خاصة عندما تواجهه قيادة صادقة الرؤية والتوجه، مسنودة بالثقة بالله والتوكل عليه وتمتلك إرادة شعبية عظيمة وموقفاً مسانداً ثابتاً لنصرة مظلومية غزة، وجيشاً امتلك الخبرة والذكاء والتطور العسكري اللافت.
وبعد مرور 45 يوماً من العدوان الأمريكي الجوي، أثبت الجيش اليمني تفوقه وتماسكه وانتصاره في المعركة الحالية. فهل ستواصل واشنطن عدوانها الذي فشل تماماً؟ أم أنها ستلجأ لغزو بري عبر أدواتها، التي أثبتت التجارب الميدانية عدمية نجاحها في اليمن؟! أم أنها ستدرك أنه لا حل للخروج من «المستنقع» اليمني إلا بوقف العدوان على غزة واتفاق وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات؟!
هذا سيقود للاعتراف بالواقع الجيوسياسي الجديد في المنطقة، وأن اليمن -قيادة وجيشاً وشعباً- هو النموذج الأقوى.

أترك تعليقاً

التعليقات