صريح صالح القاز

د. صريح صالح القاز / لا ميديا -
كما هو معلوم أن سلطة الاحتلال عطلت عمل وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين المعروفة باسم "الأونروا" في فلسطين، وهي وكالة ذات مشروعية لكونها ضمن الأمم المتحدة وتحت إشرافها، وتخطط أي سلطة الاحتلال لتستبدل بها شركة أمنية أمريكية خاصة تُدعى (جي دي سي) ذات السمعة السيئة، التي سبق لها أن عملت في أفغانستان والعراق. فلماذا يحدث ذلك؟ لأن:
- العديد من العاملين في هذه الشركة هم صهاينة، وبخاصة من فئة من يُسمون "قدامى المحاربين"، وستقوم -تحت غطاء المساعدات الإنسانية- بتنفيذ مهام مخابراتية وعسكرية وسياسية لمصلحة سلطة الاحتلال، وكأنها امتداد أو جزء لا يتجزأ من جيش الاحتلال، مع فارق الزي الذي ترتديه لا غير.
- سلطة الاحتلال تريد الانسحاب تدريجياً حفاظاً على جيشها وقواتها من مزيد الاستنزاف على يد المقاومة، ولكي تبعد نفسها أيضاً عن مسؤولية الجرائم اللاحقة التي ستطال سكان القطاع؛ إذ إن هذه الشركة كغيرها من الشركات الأمنية لا تنطبق عليها القوانين والمواثيق الدولية، ولا هي تلتزم بها، كما هو حال "الدولة" العضو في الأمم المتحدة. ما يجعلها لا تتحلى بأي مسؤولية أخلاقية أو قانونية خلال عملها.
- هذه الشركة ستتولى مهمة تنفيذ "خطة الجنرالات" بالوكالة وبالأجر، وهي الخطة التي تهدف إلى السيطرة على القطاع من خلال عزل الحاضنة الشعبية عن المقاومة في فقاعات إنسانية منفصلة عن بعضها، شبيهة بمعسكرات الاعتقال.
- هذه الشركة ستتخذ إجراءات بوليسية معقدة وتعسفية في التعامل مع المدنيين، ومنها مسحهم بيومترياً (بصمة اليد والعين) وحصارهم، ومصادرة حقهم في حرية التنقل، وارتكاب أي نوع من أنواع الجرائم بحقهم بكل سهولة، دون خوف من حساب أو عقاب.
المشكلة أننا ما زلنا محتارين في أي القرارات أقوى نفاذاً؛ هل هي قرارات الكنيست أم قرارات الأمم المتحدة؟!
وهل "إسرائيل" تتبع الأمم المتحدة أم أن الأمم المتحدة تتبع "إسرائيل"؟!
فعلى سبيل المثال، وليس على سبيل الحصر: قرر "الكنيست" تعطيل عمل "الأونروا"، والأمم المتحدة اعترضت نظرياً، لكنها عملياً لن تستطيع فعل شيء.
وفي الوقت نفسه، قد تستقطب سلطة الاحتلال هذه الشركة الأمنية دون تنسيق مع الأمم المتحدة، وسنجد الأخيرة إما صامتة وإما أنها ستعترض نظرياً وتعجز عملياً كعادتها.
أي أن سلطة الاحتلال تطرد الوكالة التي تريد حتى وإن كانت متخصصة وذات صفة قانونية ضمن الأمم المتحدة، وترحب بالشركة التي تريد حتى وإن كانت غير متخصصة ودون صفة قانونية ولا تمت للأعمال الإنسانية وللأمم المتحدة بصلة.

أترك تعليقاً

التعليقات