مولد النور ربيع قلوب وحياة أمة
 

دينا الرميمة

 دينا الرميمة / لا ميديا -
وحده الربيع المحمدي الذي ما إن تبدأ معالمه بالظهور حتى تستوطن النفس فرحة تميت كل جراحات الحرب الرعناء، ويخالج الروح شعور يمتص منها لواعج الأحزان، لتقف الذات متحدية كل خزعبلات هذا العالم، وخاصة من اتهمونا بالتبدع وإحداث أمر ليس من الدين.
وكالعادة يتفرد اليمنيون بهذه الذكرى وأصبحت عيون العالم ترقبهم بصمت، بين حاقد ومحب، كونهم يسابقون الأيام استقبالا لذكرى مولد نبيهم المصطفى، تجديدا للعهد والولاء بالتمسك برسالته التي لم تكن فقط لزمن أو لفئة من الناس، إنما هي عالمية إلى يوم القيامة بما تحمله من نهج قويم يناسب كل زمان ومكان.
ولذا فنحن كأمة نعد نبينا الكريم من أعظم نعم الله على الأرض ومنّة  منَّ بها على خلقه وشرّفنا نحن العرب بأن جعله منا لنحمل رسالته من بعده للعالم أجمع. واحتفالنا به إنما لأنه هو النور الذي أضاء الظلمات ورسم لنا الطريق السوي لتوحيد ربنا ونيل مرضاته والفوز بنعيمه في الآخرة والخلاص من ذل الدنيا، حتى أصبحنا أمة عزيزة لا تذل ولا تقهر، أمة يسودها العدل والصلاح وأزال عنها الظلم (عزيز عليه ما عنتم) يعز عليه أن يلحق بأمته أي ضرر، تحرك فيهم بالرحمة واللين والترغيب لإنقاذهم من تجبر الطغاة والمردة المارقين وجهل الخرافة التي كانت سائدة بينهم، وواجه الطواغيت والظالمين والمنكرين المحاربين لرسالة التوحيد وجاهدهم وتحمل كل أذاهم حتى تغلب عليهم، وأسس معالم للدولة الإسلامية ونشر دين الله في أصقاع الأرض وأرسى دعائم العدل والمساواة، بتعبيد الكل لله خالقهم ولا فضل لأحد على أحد، فدينه دين العزة والكرامة لله ولرسوله وللمؤمنين.
وكان اليمنيون من أوائل الذين استجابوا لدعوة النبي وارتبطوا به ارتباطا وثيقا وكانوا سندا له في دعوته، التي حاول أئمة الكفر والطغيان وأدها، كما يحاولون اليوم الحيلولة بيننا وبينها وفصلنا عن نبينا وعن منهجية يدركون يقينا أن السير عليها هو سبب لقوة أمة محمد ومنعتها وسد يحول دون تمكن أعدائها منها، ولهذا نرى الاستماتة القوية منهم لإماتة حب النبي في قلوبنا ومحو قيمه وأخلاقه ومبادئه وتشويه سيرته، عبر الإسلام الوهابي الذي قدم لنا النبي الكريم شخصية مهزوزة تهادن وتصالح اليهود حتى ننساق للتطبيع معهم ونتخلق بأخلاقهم ونستبدل قدوتنا بقدوات منهم.
إلا أننا، نحن اليمنيين، وبأعلام الهدى من آل البيت، وعلى مدى ألف وأربعمائة سنة، لم تلوثنا ثقافاتهم الدخيلة علينا، وبقينا على الوعد والعهد لنبينا الذي نحيي مولده كل عام ويوم كما لم تحيه أمة من قبل، لنثبت لأعداء الله  ورسوله أن محمدا حي فينا به نحيا وبه نقتدي ولن يكون لهم علينا سبيل! ولذا فقد كان لنا النصر والعزة في كل هجمة يحاول بها الأعداء سلبنا أرضنا وكرامتنا، وفي كل معارك اليمن كان النصر هو حليفنا، لأننا سرنا على منهجية محمد بعدم الرضوخ لأرباب الكفر ولا الذلة للمتكبرين.
ورغم المعاناة التي لسنوات تسع نكابدها، جعلنا مولد المصطفى استثنائيا وأرسلنا رسالة للعالم مفادها: إلا رسول الله!
في حين جبن الكثير من أبناء الأمة عن الدفاع عن نبيهم، وتناسوا منهجيته التي جعلتهم خير الأمم، وتراهم صامتين عن أفعال اليهود التي تمس دينهم وعقيدتهم؛ إلا من رحم ربي!
فكنا، نحن اليمنيين، القدوة والقادة في الدفاع عن نبينا وعقيدته ضد المسيئين إليه. كنا ولا نزال نحن من نحيي سنته، وبنا اقتدى الكثير من أبناء الأمة، حتى صار للمولد موعد تشتاقه القلوب المحبة لنبيها، فتحييه إحياء يليق به وتستذكر سيرته ومسيرته، فكان هذا إحباطا لكل مكائد الأعداء والمتربصين بديننا ونبينا. فحبنا لرسول الهدى نابع من ذواتنا، واحتفالنا به هو ضربة قوية لأعدائه ومبغضيه ومبدّعي الاحتفال به.

أترك تعليقاً

التعليقات