قليل من الجد الآن
 

وائل إدريس

وائل إدريس / #لا_ميديا -

عندما كنت أجادل طيلة المدة الماضية عن كون مسألة التمويل والتسليح والمشاركة في العمليات والقتال ليس أمراً عابراً ومجرد صفقات بيع وشراء. كان الكثيرين ينفرون مني، ويتهمونني بأني أعمل علی وضع العصا في العجلات وأزايد عليهم بدون وجود البديل.
الحقيقة أن أحداث فبراير بدأت بتدخل دولي -غربي تحديداً- أدى إلى تدمير البنية العسكرية للدولة وإسقاط النظام. وهذا الأمر فرض نفسه في خلق كل الظروف التي أنتجت الواقع الحالي. والخروج من الواقع الحالي كان يستدعي مجابهة الهيمنة التي خلقت هذه النتائج، لا مجابهة النتائج من خلال إعادة نفس سيناريو فبراير، لأنك بذلك ستشكل الواقع الذي يريده الغرب وليس الذي تريده أنت. وفي الحقيقة لا يوجد من يهتم لقضية التحرر، ودائما ما يتم فصلها عن قضايا الأمن والاقتصاد، وهذه مشكلة عامة الناس ونخبهم أيضاً، سواء من فبراير أو سبتمبر.
هناك قانون عام "من يمول يتحكم في القرار"، لذلك من الطبيعي، وأنت في دائرة صراع دولي غربي علی مواردك، إذا دعمك الغرب سيصنع سلسلة تلتف علی البلاد، ويصعب الخروج منها.
لذلك، التساهل مع التمويل الغربي والدعم الفرنسي والأمريكي ليس أمراً بسيطاً علی الاطلاق، بل هو إعادة لفبراير ولا يكون السبتمبري سبتمبرياً وهو يكرر أخطاء من اتهمهم بالخيانة والعمالة سابقا، حتی أصبحنا نجهل الفارق اليوم إذا ما كنا موضوعيين مع الحقيقة بين قيادات سبتمبر وفبراير، اللهم ما ندر منهم.
طبعاً، وقضية التسليح والدعم والتحالفات معضلة، فإن رفضناها بالكلية فنحن كمن يسلم بلده للغرب أيضا، لذلك المسألة تحتاج لقراءة واقع ليبيا والصراع الدولي لنحدد الدعم الدولي والإقليمي الذي يبني التوافق الاستراتيجي الطويل لمصالحنا. وهو بلا شك مشرقي ومع دول الأطراف التي تسعی لبناء دولتها وإزالة المركز الرأسمالي، مع إبعاد كل الدول الغربية التي علی الأقل بمنظور رؤيتك البسيطة وفهمك للأمور تجنب الدول التي قررت في مجلس الأمن الحرب علی بلادك، فتلك الحرب كانت لمصالح نهبها، فكيف يستقيم مشروعك الوطني بدعم من يريد نهبك بالله عليك؟! 
لو كنت في مركز الفعل لقدمت صفقة محلية تضمن مصالح أكبر القرابات الاجتماعية وأكثرها تأثيرا علی واقع الحرب علی الأرض يمكن أن تجنبني تدمير المدن وتحقن دماء الناس.
العبء الأكبر الآن لمصراتة، جربتم حكم البلاد لسنوات وخضتم حروباً في الغرب والجنوب والشرق وفشلتم. وحقيقة الأمر لا تملكون أن تحكموا البلد ولن يرضى بحكمكم أحد لأنهم يدركون بحجمكم هذا ستكون قسمة ضيزی. اضمنوا مصالحكم مع أحد الأطراف وتعاونوا علی تسليمه الحكم وانهوا هذا الأمر وأحقنوا دماءكم ودماء الجميع، وستأتون لهذا الأمر اليوم أو غدا. وهذا سيقلل من التأثير الغربي على البلاد وستبقى حصة الأسد التي سينهبها الغرب في جيوب شعبكم وأبنائكم، وإن كان النهب مستمر في كل الأحوال مادامت دولتنا سقفها ليبيا.

* كاتب يساري ليبي

أترك تعليقاً

التعليقات