الغارقون في الوحل
 

وائل إدريس

وائل إدريس / #لا_ميديا -

في المجتمع الطبقي تتحد مصالح العمال والفلاحين في وجود الطليعة التي تقودهم نحو التحرر بسبب وضوح تناقض مصالحهم ضد المستعمر أو المهيمن، وفي أحيان كثيرة تتقاطع مصالحهم مع البرجوازية الوطنية كما هو الحاصل اليوم في الصين ضد الغرب، فمصالح عمال هواوي هي ذاتها مصالح أصحاب رأس المال في هواوي، في مواجهة العقوبات الأمريكية وما يترتب عليها أو ما ينشأ في الظل من ثورات ليبرالية في هونج كونج أو مظلومية إسلامية في أحد أقاليمها.
في المجتمع القرابي ـ القبلي والطائفي والإثني ـ تتناقض مصالح المجتمع فيه مادام الريع يمثل نمط معاشه الاقتصادي، بالتالي في كل مرة تشهد حالة من الفوضى أو الثورة تحت شعار الإصلاح والديمقراطية التي ترفعها بعض النخب الليبرالية أو المنظمات أو الأفراد المنعزلين عن قراباتهم، أو قيادات القرابات التي لها مصالح في الثورة بتحقيق مكاسب لطيفها الاجتماعي، تتبلور هذه الثورة إلى صراع يمثله المجتمع الحقيقي القرابي بشكل حرب قبلية أو طائفية يتم إشعالها واستثمارها وتوظيفها غربيا إذا ما كان المركز الرأسمالي ـ الناهب ـ يسعى إلى الإطاحة بالنظام الوطني، أو حاجته للضغط أكثر حتى على أكثر الأنظمة الموالية له، أو سعيه لتفتيت المنطقة أكثر بما يتسع لهيمنته ومطالبه التي يفرضها تقهقر أو تراجع تراكمه الرأسمالي.
لذلك، الانطلاق من طبيعة المجتمع ليست مسألة ترف أو لإخراج شعبنا من التاريخ أو لأجل تعقيد المطالب على الناس أو نقيضا من مصالح الفقراء في شعبنا، بل هو مسؤولية وطنية فرضتها ليست قراءة لاجتماعك تاريخيا فحسب، بل تجربة خضناها وعشنا تفاصيلها بالدم والدموع، وأدركنا من خلالها، عن يقين، أن النتائج في تهميش طبيعة اجتماعك هذا لن تأتي على فقراء شعبنا إلا بالويلات والحسرات.
ثورات التحرر أمر مطلوب، وندعمها بكل ما نملك، لكن علينا رؤية بوصلة تحركاتها من خلال رؤية أصحاب المصالح في التخلص من الهيمنة الغربية، وإلاَّ فإن التساهل في هذه التفاصيل يجعلك من أعداء فقراء شعبك ومصالحهم، وأهم نقاط التناقض مع الهيمنة وبوصلة الثورات هو قيام السوق المشتركة للمنهوبين عربيا أو إسلاميا أو أفريقيا أو جنوبيا عالمثالثيا، ولوقوف هذا السوق ونهوض صناعته يستلزم طريق الوحدة، حينها فقط سترتبط مصالح الشعوب وتتوحد مطالبهم ومصائرهم، ولن تجد من يقف مع مليشياته القبلية ـ بكل شعاراتها المزيفة جيش أو دولة مدنية أو ديمقراطية ـ ويستنجد بالغرب، اللهم قلة من الخونة والعملاء من الكلاب الغارقة في الوحل.

* كاتب يساري ليبي

أترك تعليقاً

التعليقات