عقيق
 

مهدي علواني المشولي

كنا وكنا وكنا.. بالماضي تعلل الذات العربية نفسها حين يحاصرها الحاضر ويدميها بنصاله..!
بالماضي تتلهى وتداري هزائمها وانكساراتها وضعفها وهوانها في زمن لم تستطع أن تصنع لها فيه موضعاً حضارياً محترماً يحفظ حاضر ماء وجهها، ويدل على وجودها كقيمة وكذات مستقلة بين الأمم، أو يستدل به على قيم ماضٍ تفاخر به..! 
ذات مهزومة جربت كل الاتجاهات من شرقها إلى غربها، وسلكت كل المسارات، واغترفت من كل الينابيع..!
قيل لها يساراً فمضت دون وعي..! وأم بها يميناً فيممت وجهها دون نظر..!
سلكت اليسار وتدثرت بمعاطفه الثقيلة وأصوافه الخشنة..!
ارتدت قبعات الرأسمالية وأقمصة الليبرالية، وانتهجت نظرياتها من غربها الى شرقها..!
أخذتها الأفكار القومية وسحرتها شعاراتها.. وارتوت أنهارها من النيل الى دجلة والفرات..!
جربت الإسلام السياسي والإصلاح الديني لأمة معطوبة سياسيا منذ فجر الإسلام. مازال عفن النفط من يتحكم بمصائرها، وما زالت أعرافها هي شرعيتها وشريعتها..!
فشل الاستعمار في إعمارها.. وفشل الاستقلال الوطني في استقلال قرارها السياسي..!
كنتونات وإمارات ومشيخات وسلطنات ونظام اشتراكي هناك..!
ودويلات وإمامة ونظام رأسمالي هنا..!
ومن شطرين إلى شطر، ومن شطر إلى أشطار تتحزأ الذات العربية في حروبها وتطاحناتها، ويتمزق نسيج وحدتها بين السياسة والمذاهب..!
فخارت الوحدة تحت أقدام القتل والشتات والعدوان الخارجي..!
 والآن تعيش بدء مراحل المجهول والاحتلال الخارجي من جديد..!
مشاريع فاشلة.. ذاتٌ حائرة.. وأمة واهية.. تسير نحو الهاوية بلا عنوان في أشد وأمرّ مراحلها السياسية..!
موجع أن تكون الشعوب والأوطان بلا ذات أو هوية..!
وموجع أن نحاكم تاريخ الماضي بمنطق حاضر بلا تاريخ..!
mash3667@gmail.com

أترك تعليقاً

التعليقات