الأردُن انقـلاب..أم تصفية حسابات عائلية ؟
- د. إسماعيل النجار الأثنين , 5 أبـريـل , 2021 الساعة 7:24:46 PM
- 0 تعليقات
د. إسماعيل النجار / لا ميديا -
المملكَة الأردنية الهاشمية دولة عربية تأسست عام 1921 تحت اسم "إمارة شرق الأردن"، ثم تحولَ نظام الحكم فيها إلى ملكي برلماني عام 1946، تناوبَ على حكمها 4 ملوك آخرهم عبدالله الثاني، الابن الأكبر للملك الحسين بن طلال من زوجته الثانية البريطانية الأصل انطوانيت غاردنر التي أنجبت له أربعة أبناء والتي لَم يَدُم زواجهما سوى 10 سنوات بعد طلاقه الأول من الشريفة دينا إحدى قريباته التي أنجبت أكبر أبنائه الأميرة عالية بنت الحسين، وانفصلا بعد زواج دام سنتين، ثم تزوج من الفلسطينية علياء فأنجبت له علي وهَيَا قبل أن توافيها المنيَة إثر تحطم طائرة هليوكوبتر كانت تقلها في طريق العودة من زيارة إلى القصر الملكي، فعاودَ وتزوج لويزا الحلبي الأمريكية من أصل عربي فأنجبت له أربعة أبناء أكبرهم الأمير حمزة.
خلال فترة علاج العاهل الأردني السابق الحسين بن طلال من مرض السرطان في أمريكا كان شقيقه الأمير حسن ولياً للعهد، وعندما أبلغه أطباؤه بفشل كل محاولاتهم لإنقاذ حياته وبأن أيامه أصبحت معدودة، وبينما كانت تتوارد إليه الأخبار من القصور الملكية عن بداية صراعات بدأت تنشب بين أفراد العائلة المالكة، قطعَ الحسين بن طلال علاجه وعاد إلى الأردن على عَجَل بعدما تلقى نصيحة بريطانية بعزل شقيقه الأمير حسن وتعيين نجله الأكبر عبدالله ولياً للعهد. وبالفعل هذا ما حصل، الأمر الذي أثار حفيظة زوجته الأخيرة لويزا الحلبي التي اعترضت وطالبت الحسين بالإيفاء بالوعد الذي قطعه لها بتعيين ولدها حمزة ولياً للعهد تمهيداً لتوليه عرش المملكة، لكنه قام بتسوية الأمور وأوصى عبدالله بتعيين شقيقه حمزة ولياً للعهد بعد رحيله وتوليه العرش.
رحل الحسين بن طلال عام 1999 واعتلى نجله وولي عهده عبدالله الثاني العرش وتم تعيين أخيه حمزة ولياً للعهد بناءً على وصية أبيه، الأمر الذي هَدَّأ الأمور قليلاً بين أفراد عائلة لويزا الحلبي (الملكة نور) وبين عائلة انطوانيت غاردنر والدة الملك عبدالله.
استمر حمزة بالعمل ولياً للعهد من عام 1999 وحتى العام 2004، 5 سنوات كانت عصيبة على عبدالله الذي لم يحتمل تحركات شقيقه ولي العهد المشبوهة والتي كان يسعى من خلالها لتقريب العشائر الأردنية الأصيلة منه وعلى رأسهم آل المجالي والعبابدة والحويطات والعقيلات وغيرها من العشائر التي تشكل أهم أركان القوة للعرش الملكي الأردني، من خلال الزيارات وتقديم الخدمات والتعيينات لأبنائهم ومحاولة ترقية وتعيين بعض الضباط المقربين منه في مراكز حساسة داخل المؤسسات الأمنية والخدمية، الأمر الذي اضطَر شقيقه الملك عبدالله إلى عزله عن ولاية العهد برسالة أرسلها له مبرراً قراره بأنه يخدم مصلحة العائلة الهاشمية، وقطع الطريق أمام اعتراض شقيقه علي بن الحسين ابن الملكة علياء على تجاهله وهو أكبر من الأمير حمزة، الملك عبدالله الثاني قطعَ الطريق أمام أطماع وأحلام شقيقه الأصغر حمزة بالوصول إلى العرش عن طريق ما يرسم له.
الأمريكيون الداعمون لحمزة لَم يخرج منهم ما يدين عزل الأمير حمزة عن ولاية العهد كما باركوا عند تعيينه! والبريطانيون يسهرون على سلامة العرش وعاهله، في إشارة إلى أن كل دولة تعمل بحكم قرب رجلها منها حسب تحدُر أصول الوالدة. من هنا كان الصراع الخفي يدور بين عبدالله ذي النصف الإنكليزي، وبين حمزة ذي النصف الأمريكي، بينما لم يهتم أي أحد لعلي بن الحسين ذي النصف العربي الفلسطيني، ابن الملكة علياء.
الخطوة التي حصلت قبل أيام في المملكة الأردنية الهاشمية ليست إلَّا ضربَة أمنية استباقية من الملك عبدالله لشقيقه الأمير حمزة الذي لَم يتبع توصياته ولم يقتنع بما قسم الله له حتى بات يوسع مروحة اتصالاته الخارجية باتجاه قصر اليمامة وأبوظبي. طفحَ الكَيل عند العاهل الأردني وأمَر بالتحرُك الفوري لإيقافه عند حدِّه هوَ ومن معه قبل أن يكبر لفيفهم وجمعهم ويشتد عودهم وحينها لن ينفع الندَم.
صحيفة "معاريف"، "الإسرائيلية" التي سَرَّبت الخبر قبل ثلاثة أيام و"واشنطن بوست"، لَم يقوموا بعملهم صدفَة، بل كان التسريب مقصوداً من الخارج لإلصاق تهمة قيام الأمير حمزة بالانقلاب، ولو كانت هذه التهمة صحيحة لكانت تواردت أخبار اعتقالات أو توقيفات بين صفوف العسكريين التي لم نسمع عنها أبداً، واقتصر كل ما حصل على اعتقال بعض المدنيين المقربين والمساعدين للأمير حمزة والذين كانوا على علاقة جيدة واتصال مع أمراء السعودية والإمارات، بينما الانقلاب يحتاج إلى قوى عسكرية لم نسمع عنها أنها موجودة أو تحركت أو تم اعتقال أحد من القياديين أو الضباط!
اكتفى الملك عبدالله بوضع شقيقه حمزة تحت الإقامة الجبرية فقط دون اعتقاله. ولا شك أن الخطوة الملكية الأردنية قد جاءت بعد مشاورات وضوء أخضر بريطاني، مما يدُل على أنه كانت هناك نية أمريكية لإيصال الأمير حمزة المولود من أم أمريكية إلى العرش، عالجتها بريطانيا بالتعاون مع العاهل الحالي بهدوء ومن دون ضجيج، مما يؤكد خبث أمريكا وبريطانيا وتبايناتهما الخفية وقلة الثقة التي تحيط بهما رغم كل ما يظهر للعالم من كذب ونفاق، لكن هذا لا يمُر على المتابعين والمؤرخين الذين كتبوا والذين قرؤوا عن الحرب البريطانية الأمريكية قبيل نيلها الاستقلال والتباينات الكبيرة التي حصلت وتحصل بينهما منذ أمَد طويل.
كـاتب لبنانــي
المصدر د. إسماعيل النجار
زيارة جميع مقالات: د. إسماعيل النجار