صباح الخير يا صنعاء
 

د. إسماعيل النجار

إسماعيل النجار / لا ميديا -
أمَرَ اليَمَن فانصاعوا وفرغَت سماء العرب من الطائرات. هل ستُقرِّر واشنطن هجوماً برِّياً على صنعاء؟ ومَن لديه القدرة على القيام بذلك؟
نادى المُنادي في صنعاء أن حَيَّ على الجهاد، حَيَّ على خير العمل، فطارت الصواريخ وسجدت الرجال تُصلِّي لله شكراً وعبادة، فرِحت الأرض بعرق الجباه السُّمر وقَبَّلَ التراب الأكُف التي لامسته، بَرَقَ الحبيبُ في اليَمَن ورَعَد في «مطار بن غوريون». هَزَّ أركان العدو فدمعت عيون القدس وبكى الأقصى فرحاً. تمايلت أغصان الليمون طرباً مع صوتٍ فَرط صوتي، وحفرَ هذا الصوت عميقاً في حبَّات البرتقال بقدر ما حفر في تراب فلسطين.
الأرض الطيبة صاحت: أيها العزيز القادم من اليمن، أدخل إلى أعماقي، زَلزِلْ الجاثمين على صدري، كَسِّرْ قيودي وأطلق سراحَ تُرابي.
صنعاء كسّارَة صخور، وليست مِطحَنَة بُن. هذا ما يجب أن يعرفه القاصي والداني. إن حشرها في الزاوية سيحولها إلى بركان تتطاير شظاياه وحِممه في كل الاتجاهات. وواشنطن أكثر العواصم مغتاظة من سيد العرب، السيد عبدالملك الحوثي، ومؤيديه، وعجزت كل مراكز أبحاثهم عن الوصول إلى علاج لعنادهم وتصميمهم على قتال الولايات المتحدة، أقوى وأعتى قوة على وجه الأرض، وجهاً لوجه.
فمنذُ إعلان اليمن دخوله معركة إسناد غزة وإقفال مضيق باب المندب بوجه السفن «الإسرائيلية» والمتجهة إلى موانئ الكيان، والاقتصاد الصهيوني يعاني من أزمات وركود وحالات إفلاس وغلاء أسعار بسبب رفع شركات التأمين الأسعار وزيادة تكلفة النقل.
أخذت واشنطن على عاتقها فتح الممرات، وأسست حلفاً عسكرياً بحرياً من عشرة دول؛ لكنه لم يُبصر النور؛ بسبب انسحاب السعودية والإمارات منه، وما لبِثت أن خرجت منه ألمانيا وفرنسا وباقي دول أوروبا. لم يبقَ في الميدان إلَّا «حديدان»، أي أمريكا وحيدة تتلقى اللكمات من اليَمَن بشكل غير متوقع وغير محسوب. واشنطن هذه إذا أرادت أن تُخضِع دولة وترعبها كانت تحشد إليها أساطيلها البحرية ومدمراتها فتُخضعها فوراً، ولا يطول وقت استسلامها؛ إلَّا اليَمن العزيز، قرر رفع السقف بوجهها وإعلان المواجهة معها، وبالفعل تطايرت الصواريخ اليمنية والأبابيل باتجاه السفن والمدمرات وحاملات الطائرات النووية.
كل يوم تدوي صفارات الإنذار في أم الرشراش و»تل أبيب» وحيفا... ولا علاج لذلك.
وفي البحرين الأحمر والعربي ازدادت خطورة إبقاء المدمرات على ما هي عليه؛ بسبب رصد «الحوثيين» كافة التحركات العسكرية الأمريكية. واليوم فرضت صنعاء حصاراً جوياً على الكيان الصهيوني، فَجَنَّ جنون أمريكا وحكام «تل أبيب»، وهددوا بتصعيد العمليات العسكرية، ووضعوا خططاً للانتقال إلى مرحلةٍ برية تكون وجهتها الساحل الغربي؛ لكن الرياض مرعوبة من السيناريو، وأبوظبي تتوسل عدم إقحامها في لُجَج النار، ما عَقَّدَ المشهد أمام حلفائهم الأمريكيين، بينما تُظهرُ صنعاء ثباتاً وتصميماً وقدرات كبيرة للدفاع والهجوم، وأصبح العالم يرى ترسانتها العسكرية كيف أصبحت مُتخَمة بالصواريخ البالستية والفرط صوتية والمسيّرات، وكانت صنعاء أوَّل مَن دَرَّجَ عمليات قصف السفن والمدمرات وحاملات الطائرات بالصواريخ المجنحة، وهذا ما لم يَكُن في حسبان أي دولة من دُوَل العالم!
أمريكا بعظمة قدرها اعترفت بنجاح الضربات الصاروخية اليمنية، وأقرَّت بأن لدى صنعاء برنامج خط إنتاج صاروخي لا مثيل له، فرغم التحديات الكبيرة التي تواجهها صنعاء، ورغم الحملات الجوية الأمريكية عليها، ورغم الحصار، إلَّا أنها تزداد تمرداً بوجه أمريكا، وتمرساً على العصيان ودك الحصون الفولاذية في عرض البحر.
وإذا أصَرَّت واشنطن على الذهاب نحو عمل عسكري بري ضد اليمن من عدة محاور واتجاهات، فإن لدى القيادة العسكرية اليمنية سيناريوهات كثيرة ومتعددة لإيقاف هذا الهجوم، فقدراتها الصاروخية جاهزة لتدُك كافة القواعد الأمريكية في المنطقة، وقادرة على تدمير كافة المنشآت النفطية السعودية والإماراتية وغيرها، لتعدد أنواع الصواريخ التي تمتلكها ومدياتها وحجم الرؤوس المتفجرة التي تحملها، والتي أصبحت لا تُعَد ولا تُحصى.
خسئ العدو، وتحية لليَمَن. عاشت الأمة العربية الحقيقية. وصباح الخير يا صنعاء.
بيروت - 5/ 5/ 2025

أترك تعليقاً

التعليقات