رحيل المنصور.. الخسارة الفادحة
 

حسن حمود شرف الدين

حسن حمود شرف الدين / لا ميديا -

جسدت مراسم تشييع الأستاذ محمد المنصور لوحة متكاملة من الوفاء والتقدير والاحترام ورد الجميل من أهله وأصدقائه وأقربائه وتلامذته وزملائه من أدباء ومثقفين وسياسيين وإعلاميين ومن عامة الناس بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية. نادراً ما تتشكل هذه اللوحة التي اتسمت بها مراسم تشييع الأستاذ المنصور.
لمن لا يعرف الأستاذ محمد يحيى المنصور هو من مواليد محافظة العلم والأدب والثقافة والشعر، محافظة حجة، مدينة المحابشة، العام 1965. نهل من علوم علمائها ومثقفيها وأدبائها مختلف العلوم الشرعية، حتى أصبح من رجالات العلم والأدب والثقافة الذين يشار إليهم بالبنان. وفي ريعان شبابه خاض غمار التربية والتعليم، ثم غمار السياسة في حزب الحق، وغمار الإعلام في صحيفة "الأمة" ثم صحيفة "الثورة" وأخيرا في وكالة سبأ للأنباء حتى وفاته.
فقيدنا الأستاذ محمد المنصور إذا رأيته من نافذة الجانب الاجتماعي فهو ذلك الرجل الخلوق المحسن، يتعامل مع الناس بأرقى مستوى من الاحترام. وإن رأيته من نافذة العلم والعلماء فهو ذلك العالم الزاهد العصامي. وإن رأيته من نافذة السياسة فهو السياسي والمفكر المخضرم الذي لا ينازعه إلا من كان يحمل صفاته ومعرفته نفسها. وإن رأيته من نافذة الثقافة والشعر فهو ذلك الشاعر والمثقف الكبير الذي له عدد من الإصدارات الشعرية والثقافية والنقدية. وإن نظرت إليه من نافذة الصحافة والإعلام فهو ذلك القلم الرشيق والكلمة الصادقة، فقد ترأس رئاسة تحرير صحيفة "الأمة" الناطقة باسم حزب الحق، وترأس تحرير صحيفة "الثورة" ثم رئاسة تحرير وكالة الأنباء اليمنية سبأ. ونادرا ما نجد شخصية مثل الأستاذ محمد المنصور جمعت بين العلم والأدب والشعر والسياسة والإعلام. أمثاله لا بد أن تخلد أسماؤهم وأن يحفظ إنتاجهم الفكري والأدبي والإعلامي في مصنفات علمية وتدرس للأجيال ليكونوا نماذج وقدوة تقتدي بها الأجيال القادمة.
وما تميز به الأستاذ محمد المنصور عن غيره من أقرانه هو جهاده في سبيل الله ووقوفه ضد الباطل بجميع صوره وأشكاله خلال العقود الماضية. وقد دفع ضريبة جهاده الإقصاء والتهميش والنسيان خلال عقود حياته. وحين أعلن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي المشروع القرآني، المتمثل في المسيرة القرآنية، كان من أوائل من التحق به وطبقه بكل نية صادقة مؤمنة بالله ورسوله وأوليائه.
المنصور الفقيد مدرسة فريدة تخرج على يديه العديد من الأدباء والمفكرين والإعلاميين الذين هم اليوم رموز وأقلام تواجه العدوان بكل ما لديهم من فكر واطلاع ودراية استقوها من فكر الأستاذ المنصور في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا منذ أن دشنت قوى العدوان عدوانها في 26 مارس 2015.
البعض يعيب على الفقيد المنصور آراءه المتشددة. والحقيقة إذا ما راجع هؤلاء البعض توجهات وقرارات وآراء الأستاذ المنصور سيجدها متوافقة تماماً مع الحق والمسيرة القرآنية التي لا تعرف في الحق أحداً ولا تجامل أحداً، فكل مواقفه كانت من منطلق العداء للعدو الصهيوني والعدو الأمريكي، إذ يعتبر المنصور هذا العدوان أساس كل الخلافات والصراعات التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية. وحتى يعلم الذين لا يعلمون من هو الأستاذ محمد المنصور فقد كانت القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان الثقافي والسياسي والإعلامي للفقيد الراحل، وتجد مواقفه الواضحة في كتاباته وتحليلاته وآرائه المكتوبة والمتلفزة.
رحم الله تعالى فقيد الإعلام والسياسة الأستاذ محمد المنصور. وعزاؤنا لنجله الأخ أحمد محمد المنصور، وأهله وذويه وكافة الزملاء. نسأل الله تعالى للفقيد الرحمة والمغفرة وأن يتقبله مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأن يرحم الشهداء ويشفي الجرحى، وأن ينصر اليمن والأمة الإسلامية على أعدائها وأعداء رسوله وأعداء أوليائه.

أترك تعليقاً

التعليقات