من «أوسلو» إلى «إبراهام»:الانبطاح المجاني
 

علي الريمي

علي الريمي / لا ميديا -
يستمر مسلسل التطبيع الذي ينخرط فيه بعض العربان ويتهافتون في المضي بخطوات متسارعة نحو "إسرائيل" تحت ما يسمى "السلام"، وهو في حقيقته استسلام، بالنظر إلى أن الرابح الأكبر منه هو الكيان الصهيوني بامتياز.
للأسف الشديد سيناريو الهرولة الذي يسير فيه بعض المحسوبين على العروبة يمضي بشكل مريب جداً، ولا يوجد أي مؤشر إلى أن هؤلاء المهرولين بصدد مراجعة حسابات المكسب أو الخسارة، على الأقل فيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية بين المهرولين للتطبيع و"إسرائيل"، خصوصاً بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن الكيان الصهيوني هو الرابح الأبرز مما تسمى "اتفاقيات إبراهام" التي احتفل المطبعون -مؤخراً- بمرور عام على توقيع اتفاق التطبيع بين كل من الإمارات والبحرين مع "إسرائيل" في الـ13 من سبتمبر 2020.
من اللافت أن تاريخ توقيع "اتفاق إبراهام" بين الإمارات والبحرين من جهة، و"إسرائيل" من جهة أخرى، تم اختياره مقصوداً من قبل الإدارة الأمريكية السابقة، بقيادة دونالد ترامب، وصهره كوشنر، مهندس الاتفاق، إذ إن التاريخ 13 سبتمبر هو ذاته التاريخ الذي تم فيه توقيع "اتفاق أوسلو" بين السلطة الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات مع "إسرائيل" عام 1993 في العاصمة النرويجية أوسلو، بواسطة الإدارة الأمريكية التي كان يقودها آنذاك الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.
وبعد مضي 28 عاماً تقريبا على ذلك الاتفاق المشؤوم، يتضح جلياً أن الكيان الصهيوني كان المستفيد الأول من "اتفاق أوسلو"، إذ لايزال الصهاينة يحصدون ثمار ذلك الاتفاق حتى اليوم، في حين لم تجنِ "سلطة رام الله" أي مكاسب منه!!
ويتواصل الحصاد "الإسرائيلي" وجني المزيد من الثمار التي حققها ولايزال يحققها من "اتفاق أوسلو"، ولعل آخر تلك الثمار استضافة رئيس وزراء "إسرائيل" مؤخراً في مدينة شرم الشيخ السياحية ولقائه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في 13 سبتمبر (أيضاً)!!
"الإسرائيليون"، وبعد أن حصدوا الكثير من المكاسب الناتجة عن اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، يتوقعون أن يلتحق بركب التطبيع خلال الفترة القادمة أنظمة عربية. وللأسف الشديد لا يعدو مثل هذا "السلام" المزعوم كونه إجراء (مجانياً) يصب في مصلحة الكيان الصهيوني المحتل للأراضي العربية، ولا ندري إلى متى سيواصل المهرولون التطبيع المجاني مع الاحتلال الصهيوني الذي يواصل سياسته المتغطرسة في قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وينفذ بشكل شبه يومي عمليات تهجير الفلسطينيين، بل ويجبر البعض منهم على هدم منازلهم بأنفسهم، ويمضي هذا النظام العنصري البغيض في عجرفته بحق قطاع غزة المحاصر منذ العام 2007.
وكل تلك العدوانية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني تتم -للأسف الشديد- أمام أنظار المجتمع الدولي (الأمم المتحدة ودول الرباعية) المعنية بعملية السلام، والتي ثبت عجزها عن تحقيق أي تقدم في هذا الإطار، إذ فشلت في إجبار "إسرائيل" على تقديم أي تنازلات يمكن أن تقود إلى السلام الذي طال انتظاره منذ أكثر من ثلاثين عاماً، أي منذ انطلاق ما تسمى "عملية السلام في الشرق الأوسط" (مؤتمر مدريد)!
أما المهرولون إلى أحضان العدو "الإسرائيلي"، فهؤلاء لا تعويل عليهم بشأن إيجاد سلام حقيقي يعيد فلسطين وحقوق شعبها، أو حتى جزءاً يسيراً من تلك الحقوق. لكن الأمل مازال قائماً في إمكانية استرداد الفلسطينيين حقوقهم من خلال خيار المقاومة الذي يبدو أنه الخيار الوحيد والمتاح الذي بإمكانه إجبار الاحتلال الصهيوني على إعادة حساباته وإدراك أنه لا يمكنه الاستمرار في احتلاله الأراضي العربية في فلسطين، أو مواصلة المضي في سياسة "الأبرتهايد" العنصرية. فما دام هناك مقاومة، فإن الحق الفلسطيني سيعود عاجلاً أو آجلاً.

أترك تعليقاً

التعليقات