ما بعد طالبان واندحار أمريكا
- علي الريمي السبت , 11 سـبـتـمـبـر , 2021 الساعة 7:46:50 PM
- 0 تعليقات
علي الريمي / لا ميديا -
تشير المستجدات والتطورات المتلاحقة التي تواصل الظهور بشكل مستمر في أفغانستان إلى أن "إعصار طالبان" سيواصل الاستحواذ (إعلاميا) في معظم وسائل الإعلام الدولية (المرئية والمقروءة والمسموعة).
صحيح أن ما جرى في أفغانستان خلال الأسابيع الماضية كان حدثا ضخما جدا، إلا أنه لم يكن مفاجئاً كما قد يعتقد البعض.
من المؤكد أن التركيز على كل مستجدات "إعصار طالبان" في أفغانستان لن يستمر إلى ما لا نهاية، خصوصا في ظل اشتعال الكثير من بؤر الصراع في مختلف أرجاء العالم، واشتداد حجم المواجهات في غالبية تلك البؤر.
آخر المستجدات الساخنة -بعيدا عن "إعصار طالبان"- ما حدث في العاصمة الليبية طرابلس فجر الجمعة قبل الماضي باندلاع موجة جديدة من الاشتباكات العنيفة وقعت دون سابق إنذار، خصوصا في ظل التطورات السياسية التي شهدها الصراع (الليبي ـ الليبي) مؤخرا وتشكيل حكومة جديدة ومجلس رئاسي جديد واتفاق غالبية الأطراف المتصارعة على ضرورة إنهاء النزاع الداخلي المدعوم من عدة جهات خارجية وصولا إلى استعادة ليبيا الأمن والاستقرار الذي غاب عنها منذ الإطاحة بنظام القذافي.
بالعودة إلى آخر مستجدات "إعصار طالبان" في أفغانستان فإنه مرشح أكثر وأكثر للمزيد من الاشتعال، خصوصا في ظل التلكؤ أو التأخير غير المبرر لقيادة حركة "طالبان" بشأن عدم إعلان شكل أو نظام الحكم القادم أو ما يطالب به المجتمع الدولي من ضرورة قيام "طالبان" بتشكيل حكومة شاملة لا تستثني أهم فئات المجتمع الأفغاني وتحترم حقوق الأقليات وتراعي حرية الرأي وحق المرأة... إلخ.
لا سبيل أمام حركة "طالبان" (بنسختها الجديدة أو المحدثة) إلا النزول عند رغبة الغالبية العظمى من أفراد الشعب الأفغاني لكي يتعايشوا جميعا في أمن وأمان. ولعل أبرز معضلة حقيقية قد تقف أمام حركة "طالبان" خلال الأيام القليلة القادمة تتمثل في طريقة تعاطي قيادة الحركة مؤخرا مع ما تسمى "المقاومة المسلحة في ولاية بانجشير" التي يتزعمها نجل القائد العسكري الراحل أحمد شاه مسعود، فاستخدام القوة في مثل هذه الحالة لا يخدم الحركة بشكل خاص ولا يخدم أفغانستان بشكل عام خلال المرحلة الراهنة!
لا خلاف على أن حركة "طالبان 2021" باتت تختلف عن "طالبان 1996"، كما ظهر مؤخرا في معظم الخطوات التي أقدمت عليها الحركة بعد أن نجحت بسرعة قياسية في استعادة سيطرتها على أفغانستان وبدون مواجهات عسكرية تذكر، وإعلانها العفو العام عن جميع الأطراف في النظام الساقط، خصوصا أولئك الذين عملوا مع قوات الاحتلال الأمريكي والناتو.
وسواء تغير سلوك "طالبان" أم أنه في طريقه إلى المزيد من التغيير والتجديد، سيكون الأفغان بكافة أطيافهم ممتنين كل الامتنان لحركة "طالبان" إذا تمكنت من توفير أبسط متطلبات الحياة المعيشية اليومية ولن يطالبوها -على المدى المنظور- بمطالب على شاكلة الديمقراطية أو الانتخابات.
وبناءً على كل ذلك، فإنه سيكون لزاما على "طالبان" أن تواصل نهجها الذي تمضي عليه منذ منتصف أغسطس الماضي، ولن يكون مطلوبا من قيادة الحركة خلال الفترة القادمة وضع أي مساحيق (تجميلية)، فقط المطلوب منها أن تتغير أكثر وأكثر وصولا إلى تحدي كافة أشكال الملل!
المصدر علي الريمي
زيارة جميع مقالات: علي الريمي