ما قبل الإفطار
 

أحمد الحسني

أحمد الحسني / لا ميديا -

ثمة مستجدات غير مسبوقة على الصعيدين العسكري والسياسي تؤذن بدنو نهاية هذا العدوان، آخرها ما رشح عن مفاوضات غير معلنة ترعاها باكستان تجلس فيها المملكة على الطاولة لأول مرة، وهذا وإن كان من المبكر الركون إليه والجزم بنتائجه، إلَّا أن ما يدعو إلى التفاؤل به هو أنه للمرة الأولى تجلس المملكة على الطاولة، ونمسك فيها باليد بدلا من القفازات، وهذه هي البداية الصحيحة لتفاوض حقيقي.
الأمر الآخر أن هذه البداية تأتي عقب 3 عمليات عسكرية غير مسبوقة من حيث النوع والمدى والحجم والأثر، نفذتها القوات المسلحة من مجاهدي الجيش واللجان الشعبية، بفارق زمني غير مسبوق أيضاً، وهي قصف المنشآت النفطية السعودية في «بقيق» و«خريص» وإيقاف تدفق اكثر من 5 ملايين برميل إلى أسواق النفط العالمية بشكل مؤقت، وهذا وذلك وإن لم يرفع أسعار النفط العالمية بسبب قيام المملكة بتعويض ذلك النقص خلال فترة الانقطاع المؤقت، إلَّا أنه إضافة إلى أثره الاقتصادي والنفسي على المملكة السعودية، جعل العالم كله يشعر حقيقة أن عدوان التحالف على اليمن لن يظل حبيس نطاقه الجغرافي، وأن آثار الحرب قد تجاوزت فائض ترفه القيمي، وبدأت تطال مصالحه المادية المباشرة، وكلفتها ستضاف إلى فواتير تدفئة شتاء الشمال القارس، وتدخل في حساب القيمة المضافة في تكاليف انتاج سلعة منافسة في مصانع الشرق، ويجب على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفا أكثر جدية لوقف هذه المغامرة الطائشة لصبية الخليج.
ويأتي قصف «بقيق» و»خريص» بين إنجازين عسكريين جبارين في الحدود الشمالية مع المملكة، تمكن فيها مجاهدو الجيش واللجان من السيطرة على مساحات شاسعة في محاور نجران وعسير وجيزان، حصدوا فيها ألوية كاملة بعددها وعتادها، وقد كان عرض بعضها من قبل الإعلام الحربي فضيحة عسكرية لقيادة التحالف بكل المقاييس، وليس فقط هزيمة منكرة لقواته في بعض المعارك.
والأهم هو أن توالي هذه الإنجازات العسكرية الضخمة يعد مؤشرا على تبدل في مسار المعركة يقتضي أن قيادة التحالف قد تحولت من مربع الأمل بالنصر الذي يغري عنجهية أمراء النفط وطموحاتهم الشخصية والخيالية بالتملص من الطاولة وإفشال كل مفاوضات السلام، وأصبحت في مربع خشية الهزيمة الذي يجب أن يكون دافع أي عاقل للحرص على التفاوض، خصوصاً وأن تلك الصفعات العسكرية الكبيرة التي يتلقاها التحالف تأتي في ظل تنامي الرفض الدولي لاستمرار هذه المغامرة الطائشة لابن سلمان وابن زايد، والانقسام الحاد حول استمرار دعمها داخل دوائر صنع القرار في عواصم الرعاة الغربيين، وعلى رأسها واشنطن ولندن، إضافة إلى تباين أجندات الرياض وأبوظبي والصراع المسلح بين أجنحة مرتزقتهما، كل ذلك يدفعنا إلى توقع دنو نهاية هذا العدوان تفاؤلا بالطاولة أو ثقة بالخندق.
نحن في ساعات ما قبل الإفطار، تبدو طويلة، لكنها في حقيقة الأمر أقل جزء في يوم الصيام، من صبر فيها ظفر ومن ارتبك أضاع تعب اليوم كله، علينا فقط أن نثق أن عدالة قضيتنا وإيمان مجاهدينا وصبرنا هو التحالف الذي لن يقهر.

أترك تعليقاً

التعليقات