قرار انهيار الريال
 

أحمد الحسني

أحمد الحسني / لا ميديا

 تداعيات حرب الخليج الثانية وآثار حرب الانفصال القصيرة جعلت سعر الدولار مقابل الريال اليمني يقفز عشرة أضعاف، وفي حوار مباشر لقناة (الجزيرة) قبل أكثر من عشر سنوات قال الدكتور عبدالكريم الإرياني إنه لولا برنامج الإصلاح المالي والإداري الذي انتهجته الحكومة اليمنية برئاسته لكان سعر الدولار قد وصل إلى خمسة آلاف ريال، هذا في ظل استقرار سياسي وحكومة تبسط نفوذها على كافة البلاد ومقدراتها ولديها الصلاحيات الكاملة لرسم السياسات واتخاذ التدابير اللازمة. فإذا كانت اليمن منذ 2011 تعيش حالة عدم استقرار سياسي وصراعات داخلية وشلل شبه تام في العملية التنموية ومن 2015 تعيش حالة حرب دمرت كل قطاعاتها ومنشآتها الاقتصادية وبنيتها التحتية وحصار أغلق كل منافذ البلاد براً وبحراً وجواً أمام صادرات البلاد ومصادرها من العملات الأجنبية، إضافة إلى تعطيل المؤسسات المالية، والطباعة التضخمية للعملة المحلية، وعدم وجود حكومة تمثل اليمن في المحافل الدولية... فإن كل ذلك يعني أن الريال اليوم ليس له أية قيمة بذاته
 وإنما تحدد بقرار خارجي، وجزء من الحرب الاقتصادية التي أصبحت الرهان الوحيد للعدوان في تفجير الوضع الداخلى وانهيار جبهة الصمود الوطني.
لم يطرأ خلال اليومين الماضيين متغير اقتصادي استثنائي يقتضي أن يرتفع سعر الدولار من ستمائة ريال إلى ثمانمائة ريال. قفزة كهذه لا يصنعها السوق في يومين، وإنما تتم بقرار، والسوق مهيأ لتلقيها. وقد يحصل التحالف غداً على ضوء أخضر بإصدار قرار آخر بأن تنخفض قيمة الريال مرة أخرى والسعر الحقيقي للريال. وستكون حكومة المرتزقة أداتهم كالعادة في ذلك. أما حكومة الإنقاذ، في ظل افتقارها للمشروعية الدولية وعدم سيطرتها على البلاد ومواردها، فمن غير المنطقي مطالبتها بانتهاج السياسات المالية المناسبة والتدابير اللازمة لمواجهة ذلك، فخياراتها في هذا الجانب محدودة ومحصورة في التخفيف من آثار ما يحدث، وحسن إدارة الأزمة وليس منعها. لذلك فإن توجيه السخط نحوها لن يسهم في مواجهة الأزمة، وإنما يخدم غاية العدوان منها.
يراهن العدوان بأن التجويع سيفجر الوضع الداخلي في صنعاء ويحقق ما عجز عنه الموت من تركيعنا، ولم يضع في حسبانه أن اليمن كله لا يزال كتلة اقتصادية واحدة، وارتفاع سعر الدولار في الشمال يعني ارتفاعه في الجنوب، وأنه سيصلى بجحيم ثورة جماهير الجائعين في المناطق المحتلة قبل أن يستمتع برؤية سخط الجماهير في صنعاء، وقد بدأ دخانها يتصاعد في تعز وردفان وحضرموت والمهرة. 
خياراتنا في مواجهة حرب الدولار الشرسة هي الصبر والتكافل والتصعيد العسكري، حتى يدرك هذا العدو الخسيس أن ما عجز عنه الموت من تركيعنا لن يقدر عليه الموت.

أترك تعليقاً

التعليقات